والذي نراه أن ما عليه جمهور العلماء من أن التشبيه على الحقيقة هو الحق، لأن الشيطان قد يمس الإنسان فيصيبه بالجنون، ولأنه لا يسوغ لنا أن تؤول القرآن بغير ظاهره بسبب اتجاه لا دليل عليه. (?)
ويقول السيد قطب رحمه الله:"هذه الصورة المجسمة الحية المتحركة .. صورة الممسوس المصروع .. وهي صورة معروفة معهودة للناس. فالنص يستحضرها لتؤدي دورها الإيحائي في إفزاع الحس، لاستجاشة مشاعر المرابين، وهزها هزة عنيفة تخرجهم من مألوف عادتهم في نظامهم الاقتصادي ومن حرصهم على ما يحققه لهم من الفائدة .. وهي وسيلة في التأثير التربوي ناجعة في مواضعها. بينما هي في الوقت ذاته تعبر عن حقيقة واقعة " (?)
2 - ومن الأدلة على ذلك من كتاب الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف:201]
أي: أصابهم "طيف" وقرأ آخرون:"طائف"،وقد جاء فيه حديث، وهما قراءتان مشهورتان، فقيل: بمعنى واحد. وقيل: بينهما فرق، ومنهم من فسر ذلك بالغضب، ومنهم من فسره بمس الشيطان بالصرع ونحوه، ومنهم من فسره بالهم بالذنب، ومنهم من فسره بإصابة الذنب.
وقوله: {تَذَكَّرُوا} أي: عقاب الله وجزيل ثوابه، ووعده ووعيده، فتابوا وأنابوا، واستعاذوا بالله ورجعوا إليه من قريب. {فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} أي: قد استقاموا وصحوا مما كانوا فيه. (?)
أي إن الذين اتقوا الله مِن خلقه، فخافوا عقابه بأداء فرائضه واجتناب نواهيه، إذا أصابهم عارض من وسوسة الشيطان تذكَّروا ما أوجب الله عليهم من طاعته، والتوبة إليه، فإذا هم منتهون عن معصية الله على بصيرة، آخذون بأمر الله، عاصون للشيطان. (?)