عقله، وكذلك جن الرجل معناه ضربته الجن، ورأيتهم لهم في الجن قصص وأخبار وعجائب، وإنكار ذلك عندهم كإنكار المشاهدات» (?)
ومن العلماء الذين تصدوا للرد على الزمخشري ومن تابعه الإمام القرطبي فقد قال في تفسيره عند هذه الآية:"في هذه الآية دليل على فساد إنكار من أنكر الصَّرْع من جهة الجِنّ، وزعم أنه من فِعل الطبائع، وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان ولا يكون منه مَسٌّ " (?)
وقال الشيخ أحمد بن المنير: ومعنى قول الزمخشري أن تخبط الشيطان من زعمات العرب، أى من كذباتهم وزخارفهم التي لا حقيقة لها، كما يقال في الغول والعنقاء ونحو ذلك. وهذا القول من تخبط - الشيطان بالقدرية - أى المعتزلة - في زعماتهم المردودة بقواطع الشرع، ثم قال: واعتقاد السلف وأهل السنة أن هذه أمور على حقائقها واقعة كما أخبر الشارع عنها، والقدرية ينكرون كثيرا مما يزعمونه مخالفا لقواعدهم .. من ذلك السحر، وخبطة الشيطان، ومعظم أحوال الجن. وإن اعترفوا بشيء من ذلك فعلى غير الوجه الذي يعترف به أهل السنة وينبئ عنه ظاهر الشرع في خيط طويل لهم". (?)
وقد تحدثَّ العلامة السيد محمود أفندي الألوسي عن المس الشيطاني للإنسان قائلا:"واعتقاد السلف وأهل السنة أن ما دلت عليه أمور حقيقية واقعة كما أخبر الشرع عنها والتزام تأويلها كلها يستلزم خبطا طويلا لا يميل إليه إلا المعتزلة ومن حذا حذوهم وبذلك ونحوه خرجوا عن قواعد الشرع القويم فاحذرهم قاتلهم اللّه أنى يؤفكون، والآية التي ذكروها في معرض الاستدلال على مدعاهم لا تدل عليه إذ السلطان المنفي فيها إنما هو القهر والإلجاء إلى متابعته لا التعرض للإيذاء والتصدي لما يحصل بسببه الهلاك، ومن تتبع الأخبار النبوية وجد الكثير منها قاطعا بجواز وقوع ذلك من الشيطان بل وقوعه بالفعل ". (?)