وقلب بين هذين الداعيين؛ فمرة يميل بقلبه داعي الإيمان والمعرفة والمحبة لله تعالى وإرادته وحده، ومرة يميل بقلبه داعي الشيطان والهوى والطباع، فهذا القلب للشيطان فيه مطمع، وله منه منازلات ووقائع، ويعطي الله النصر من يشاء: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران:126].وهذا لا يتمكن الشيطان منه إلا بما عنده من سلاحه، فيدخل إليه الشيطان، فيجد سلاحه عنده، فيأخذه ويقاتل به، فإن أسلحته هي
الشهوات والشبهات والخيالات والأماني الكاذبة، وهي في القلب، فيدخل الشيطان فيجدها عتيدة، فيأخذها ويصول بها على القلب، فإن كان عند العبد عدة عتيدة، من الإيمان تقاوم تلك العدة وتزيد عليها، انتصف من الشيطان، وإلا فالدولة لعدوه عليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فإذا أذن العبد لعدوه، وفتح له باب بيته، وأدخله عليه، ومكنه من السلاح يقاتله به، فهو الملوم.
فنفْسك لُم ولا تَلُم المطايا ... ومُت كمداً فليس لك اعتذارُ " (?)