على دراية واسعة بحاله الظاهرة، وقد يكون بحاله الباطنة أيضا مما تدلُّ عليه الظواهر، وللقرناء صلةٌ ببعضهم يعرفون عن طريقها الأخبار التى تحدث للناس، فيمكن لقرين سعد مثلا أن يعرف أحوال سعيد عن طريق سؤال قرينه، ومن هنا يمكن لقرين سعد أن يخبر سعدا بحال سعيد، إما بصوت يسمعه ولا يرى صاحبه، وهو ما يعرف باسم الهاتف، وإما بطريق آخر من طرق الأخبار، وقد يكون هذا القرين مساعدا لصاحبه في بعض الأعمال فتسهل عليه، وقد يكون على العكس مشاكسا فيضع العراقيل فى طريقه فيحسُّ بالضيق والألم وقد يحصل غير ذلك، فإن عالم الجن عالم غريبٌ يخفى علينا الكثير من أحواله. وكلُّ هذه التصرفات فى دائرة الإمكان.
فإذا قام إنسان -على مواصفات معينة وبطرق مختلفة-بتحضير روح إنسان فهو يحضِّر روح قرينه، الذي يستطيع أن يقلِّد صوته ويخبر عن كثير من أحواله، وعن أمور غائبة عرفها القرناء وتبادلوا أخبارها، فيحسب الإنسان أن الروح التي تتكلم هي روح آدمي، وهي روح قرينه، التي لا تستطيع أبدا أن تخبر عن المستقبل فمجالها هو الحاضر الذى يخفى على بعض الناس. ذلك أن الجن لا يعلمون الغيب أبدا، قال تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النمل:65]،وقال عن جن النبي سليمان عليه السلام بعد موته: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} [سبأ:14]،وقد يكذب القرناء في أخبارهم، فيقول قرين الكافر مثلا إنه في نعيم، وهو بنص القرآن في عذاب أليم، والروح الحقيقيةُ لأيِّ إنسان لا تكذب بعد الموت، فهو في دار الحق التي لا كذب فيها، ولم يحدث أن ادَّعى من يزاولون تحضير الأرواح أنهم أحضروا روح نبي من الأنبياء، وذلك لأن الشياطين لا تتمثل بهم ولا تستطيع تقليد أصواتهم، كما يحدث من القرناء مع بقية البشر.
فالخلاصة أن تحضير الأرواح هو تحضير لأرواح الجِنِّ وليس لأرواح الملائكة أو البشر، ولا يجوز الاعتماد على ما تخبر به هذه الأرواح، فقد تكون صادقة وقد تكون