قَالَ: وَلَقِيَ إِبْلِيسُ مُوسَى فَقَالَ: يَا مُوسَى أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ، وَكَلَّمَكَ تَكْلِيمًا، وَأَنَا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَذْنَبْتُ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتُوبَ، فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَتُوبَ عَلَيَّ، فَدَعَا مُوسَى رَبَّهُ.

فَقِيلَ يَا مُوسَى قَدْ قَضَيْتُ حَاجَتَكَ، فَلَقِيَ مُوسَى إِبْلِيسَ، فَقَالَ: قَدْ أُمِرْتَ أَنْ تَسْجُدَ لِقَبْرِ آدَمَ وَيُتَابَ عَلَيْكَ، فَاسْتَكْبَرَ وَغَضِبَ، وَقَالَ: لَمْ أَسْجُدْ لَهُ حَيًّا، أَأَسْجُدُ لَهُ مَيِّتًا؟ ثُمَّ قَالَ إِبْلِيسُ: يَا مُوسَى إِنَّ لَكَ عَلَيَّ حَقًّا بِمَا شَفَعْتَ لِي رَبَّكَ، فَاذْكُرْنِي عِنْدَ ثَلاثٍ وَلا هَلاكَ إِلا فِيهِنَّ:

اذْكُرْنِي حِينَ تَغْضَبُ فَإِنَّ وَحْيِي فِي قَلْبِكَ، وَعَيْنِي فِي عَيْنِكَ، وَأَجْرِي مِنْكَ مَجْرَى الدَّمِ.

اذْكُرْنِي حِينَ تَلْقَى الزَّحْفَ فَإِنِّي آتِي ابْنَ آدَمَ، حِينَ يَلْقَى الزَّحْفَ فَأُذَكِّرُهُ وَلَدَهُ وَزَوْجَتَهُ وَأَهْلَهُ حَتَّى يُوَلِّيَ.

وَإِيَّاكَ أَنْ تُجَالِسَ امْرَأَةً لَيْسَتْ بِذَاتِ مَحْرَمٍ، فَإِنِّي رَسُولُهَا إِلَيْكَ وَرَسُولُكَ إِلَيْهَا. (?)

وعَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: لَمَّا رَسَتِ السَّفِينَةُ سَفِينَةُ نُوحٍ إِذَا هُوَ بِإِبْلِيسَ عَلَى كَوْثَلِ السَّفِينَةِ، فَقَالَ لَهُ نُوحٌ: وَيْلَكَ قَدْ غَرِقَ أَهْلُ الأَرْضِ مِنْ أَجْلِكَ وَقَدْ أَهْلَكْتَهُمْ؟ قَالَ إِبْلِيسُ، فَمَا أَصْنَعُ؟ قَالَ لَهُ: تَتُوبُ.

قَالَ: فَسَلْ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ، هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَدَعَا نُوحٌ رَبَّهُ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّ تَوْبَتَهُ أَنْ يَسْجُدَ لِقَبْرِ آدَمَ.

فَقَالَ لَهُ نُوحٌ: قَدْ جُعِلَتْ لَكَ تَوْبَةٌ.

قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: أَنْ تَسْجُدَ لِقَبْرِ آدَمَ.

قَالَ: تَرَكْتُهُ حَيًّا وَأَسْجُدُ لَهُ مَيِّتًا!!. (?)

فلا يأتي الشيطان إلى الإنسان ويقول له: اترك هذه الأمور الخيرة، وافعل هذه الأمور السيئة؛ كي تشقى في دنياك وأخراك؛ لأنه لو فعل ذلك فلن يطيعه أحد، ولكنه يسلك سبلاً كثيرة، يغرر بها بعباد الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015