تثير من عرامة اللحم والدم، وبما تهيج من نزوات ودفعات. والميسر الذي يصاحبها وتصاحبه بما يتركه في النفوس من خسارات وأحقاد إذ المقمور لا بد أن يحقد على قامره الذي يستولي على ماله أمام عينيه، ويذهب به غانما وصاحبه مقمور مقهور .. إن من طبيعة هذه الأمور أن تثير العداوة والبغضاء، مهما جمعت بين القرناء في مجالات من العربدة والانطلاق اللذين يخيل للنظرة السطحية أنهما أنس وسعادة! وأما الصد عن ذكر اللّه وعن الصلاة، فلا يحتاجان إلى نظر .. فالخمر تنسي، والميسر يلهي، وغيبوبة الميسر لا تقل عن غيبوبة الخمر عند المقامرين وعالم المقامر كعالم السكير لا يتعدى الموائد والأقداح والقداح! وهكذا عند ما تبلغ هذه الإشارة إلى هدف الشيطان من هذا الرجس غايتها من إيقاظ قلوب «الذين آمنوا» وتحفزها، يجيء السؤال الذي لا جواب له عندئذ إلا جواب عمر رضي اللّه عنه وهو يسمع: «فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ»؟ فيجيب لتوه: «انتهينا. انتهينا» (?) .... (?)

وهو يأمر بكل شر، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169)} [البقرة:168،169].

يَمْتَنُّ اللهُ تَعَالَى جَدُّهُ عَلَى النَّاسِ بِمَا أَبَاحَ لَهُمْ مِنَ الأَكْلِ مِمَّا فِي الأَرْضِ مِنْ أَصْنَافِ المَأْكُولاَتِ حَلاَلاً طَيِّباً وَيَنْهَاهُمْ عَنِ اتِّبَاعِ سِيرَةِ الشَّيطَانِ فِي الإِغْوَاءِ وَالإِضْلاَلِ، وَالوَسْوَسَةِ بِالسُّوءِ وَالفَحْشَاءِ، وَعَنِ اتِّبَاعِ مَسْلَكِهِ وَطَرَائِقِهِ فِيمَا أَضَلَّ بِهِ أَتْبَاعَهُ مِنْ تَحْرِيمِ البَحَائرِ وَالسَّوائِبِ وَالوَصَائِلِ وَغَيرِهَا مِمَّا كَانَ زَيَّنَهُ لِلْمُشْرِكِينَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، لأَنَّ الشَّيطَانَ عَدُوٌّ مُبِينُ العَدَاوَةِ للإِنْسَانِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015