تَعَالَى: {الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} [الناس:4] قَالَ: الشَّيْطَانُ جَاثِمٌ عَلَى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ، فَإِذَا سَهَى وَغَفَلَ وَسْوَسَ، فَإِذَا ذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ. (?)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله {الوسواس الخناس} هُوَ الشَّيْطَان يوله الْمَوْلُود والوسواس على قبله فَهُوَ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ شَاءَ فَإِذَا ذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ وَإِذَا غَفَلَ جَثَمَ عَلَى قَلْبِهِ فَوَسْوَسَ " (?)
وعَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَلَهُ شَيْطَانٌ مُتَبَطِّنٌ فِقَارَ ظَهْرِهِ، لَاوٍ عُنُقَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، فَاغِرٌ فَاهُ عَلَى قَلْبِهِ، فَإِذَا ذَكَرَ اللهَ خَنَسَ، وَإِذَا غَفَلَ وَسْوَسَ» (?)
وعَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ دَعَا رَبَّهُ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، أَرِنِي مَوْضِعَ الشَّيْطَانِ مِنِ ابْنِ آدَمَ فَجَلَّى لَهُ ذَلِكَ، فَإِذَا لَهُ رَأْسٌ كَرَأْسِ الْحَيَّةِ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى ثَمَرَةِ الْقَلْبِ فَإِنْ ذَكَرَ اللهَ خَنَسَ، وَإِنْ تَرَكَ الذِّكْرَ مَنَّاهُ وَحَدَّثَهُ قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} [الناس:4] (?)
وأن عالم الجن يحشر مع عالم الإنس ويحاسب ويجازى بالجنة وبالنار كالجنس الإنساني. وأن الجن حين يقاسون إلى الملائكة يبدون خلقا ضعيفا لا حول له ولا قوة! وفي هذه الآية نعرف أن اللّه سبحانه قد جعل لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن ..
ولقد كان اللّه - سبحانه - قادرا - لو شاء - ألا يفعلوا شيئا من هذا .. ألا يتمردوا وألا يتمحضوا للشر وألا يعادوا الأنبياء وألا يؤذوا المؤمنين وألا يضلوا الناس عن سبيل اللّه .. كان اللّه سبحانه قادرا أن يقهرهم قهرا على الهدى أو أن يهديهم لو توجهوا للهدى أو أن يعجزهم عن التصدي للأنبياء والحق والمؤمنين به ..
ولكنه سبحانه ترك لهم هذا القدر من الاختيار. وأذن لهم أن تمتد أيديهم بالأذى لأولياء اللّه - بالقدر الذي تقضي به مشيئته ويجري به قدره - وقدر أن يبتلي أولياءه بأذى