فإنهم كانوا يعظمون ابن عربي، لأن الشيخ شهاب الدين لم يكن متمكنًا من معرفة السنة ومتابعتها، وتحقيق ما جاءت به الرسل كتمكن ابن عربي في طريقه التي سلكها، وجمع فيها بين الفلسفة والتصوف، وهؤلاء إنما يقطع دابرهم المباينة لله (?) بين الخالق والمخلوق، وإثبات تعينه منفصلًا عن المخلوق، ترفع إليه الأيدي بالدعاء، وإليه كان معراج الأنبياء.
وفد ذكر السهروردي في عقيدته المشهورة قوله: "بلا إشارة ولا تعيين".
وهذه التي استطال بها عليه هؤلاء، فإنه متى نفيت الإشارة والتعيين لم يبق إلا العدم المحض، والتعطيل (?) أو الإلحاد و [الوحدة] (?) والحلول.
وابن سبعين وأمثاله من هؤلاء الملاحدة يقول (?): هكذا لا إشارة ولا تعيين، بل عين ما ترى ذات لا ترى، وذات لا ترى عين ما ترى، ويقولون في أذكارهم: ليس إلا الله، بدل قول المسلمين، لا إله إلا الله، لأن معتقدهم أنه وجود كل موجود، فلا موجود إلا هو.
والمسلمون يعلمون أن الله خالق كل شيء وربه ومليكه، وأنه ليس هو المخلوقات، ولا جزءًا منها، ولا صفة لها، بل هو بائن عنها سبحانه وتعالى ويقولون: إنه هو الإله الذي يستحق العبادة دون ما سواه من الموجودات، فلا إله إلا هو كما قال تعالى: {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213)} [الشعراء: 213].
وكما قال تعالى: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64)} [الزمر: 64].
وقال تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأنعام: 14].