القلبي التام، وبهذا يظهر خطأ جهم ومن اتبعه (?) في زعمهم أن مجرد إيمان القلب) (?) بدون الإيمان الظاهر ينفع لي الآخرة، فإن هذا ممتنع، إذ لا يحصل الإيمان التام في القلب إلَّا ويحصل في الظاهر موجبه بحسب القدرة، فإن من الممتنع أن يحب الإنسان غيره حبًا جازمًا، وهو قادر على مواصلته، ولا يحصل منه حركة ظاهرة إلى ذلك.
وأبو طالب إنما كانت محبته للنبي - صلى الله عليه وسلم - لقرابته منه لا لله، وإنما نصره وذب عنه لحمية النسب والقرابة، ولهذا لم يتقبل الله ذلك منه، وإلا فلو كان ذلك عن إيمان في القلب، لتكلم بالشهادتين ضرورة، والسبب الَّذي أوجب نصره للنبي - صلى الله عليه وسلم -وهو الحمية- هو الَّذي أوجب امتناعه من الشهادتين، بخلاف أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وأرضاه ونحوه.
قال تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21)} [الليل: 17 - 21] (?).
ومنشأ الغلط في هذه المواضع من وجوه:
(أحدهما): أن العلم والتصديق مستلزم لجميع موجات الإيمان.
(الثاني): ظن الظان أن ما في القلب (?) لا يتفاضل الناس فيه.
(الثالث): ظن الظان أن ما في القلب من الإيمان المقبول، يمكن تخلف القول الظاهر والعمل الظاهر عنه.
(الرابع): ظن الظان أن ليس في القلب إلَّا التصديق، وأن ليس الظاهر إلَّا عمل الجوارح، والصواب أن القلب له عمل مع التصديق، والظاهر قول ظاهر، وعمل ظاهر، وكلاهما مستلزم لباطن.