إن بيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر، وإنا لا نصل إليك إلَّا في شهر حرام، فمرنا بأمر فصل نعمل به، وندعو إليه من وراءنا، وأرادوا بذلك أهل نجد من تميم وأسد وغطفان وغيرهم كانوا كفارًا، فهؤلاء كانوا صادقين راغبين في طلب الدين فإذا أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بأقوال وأعمال ظاهرة فعلوها باطنًا وظاهرًا فكانوا بها مؤمنين. وأما إذا قرن الإيمان بالإسلام فإن الإيمان في القلب والإسلام ظاهر كما في المسند عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "الإسلام علانية والإيمان في القلب" (?).
والإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت، وتؤمن بالقدر خيره وشره، ومتى حصل له هذا الإيمان، وجب ضرورة أن يحصل له الإسلام، الَّذي هو الشهادتان والصلاة والزكاة والصيام والحج، لأن إيمانه بالله وملائكته ورسله يقضي الاستسلام لله والانقياد له، وإلا فمن الممتنع أن يكون قد حصل له الإقرار والحب والانقياد باطنًا، ولا يحصل ذلك في الظاهر مع القدرة عليه، كما يمتنع وجود الإرادة الجازمة مع القدرة بدون وجود المراد.
وبهذا تعرف أن من آمن قلبه إيمانًا جازمًا، امتنع أن لا يتكلم بالشهادتين مع القدرة، فعدم الشهادتين مع القدرة مستلزم لانتفاء (?) الإيمان