ولئن كانت مرحلة جمع الفتاوى في زمن مضى، هدفاً وغاية سعى إليها الكثيرون من أهل العلم، وحقق هذه الغاية مشكوراً مأجوراً -إنَّ شاء الله تعالى- الشيخ الفاضل عبد الرحمن بن محمد بن قاسم -رحمه الله-، وساعده ابنه الشيخ محمد -رحمه الله- (?)، فما عاد يكفي ذلك في هذا العصر، بل وجب أن تنصب الجهود على ما قام بجمعه الشيخان، وأن يحقق تحقيقاً علمياً متميزاً، وقد قامت الجامعات في هذه البلاد الطيبة بحظ وافر في ذلك المجال، وخدم كثير من تراث شيخ الإسلام، مما ورد في مجموع الفتاوى، أو ورد خارجه، وكان ذلك عبر الدراسات العليا في تلك الجامعات، من خلال رسائل الماجستير والدكتوراه، ولعل هذه الرسالة بإذن الله واحدة من تلك الرسائل.
أما الملاحظات الخاصة بالمطبوع من الكتاب، فهي تدور على ما يلي:
أولاً: وقوع الأخطاء والتحريف في المطبوع، وبعضها أخطاء فاحشة تلحق بالمعنى خللاً كبيراً، وهذه بعض الأمثلة:
المثال الأول: جاء في المطبوع (7/ 590) عند الحديث عن مذهب ابن عربي: "ولكن يرى ظاهراً في المخلوقات، متجلياً في المصنوعات، وهو عنده غير وجود الموجودات وشبهه، وتارة بظهور الكلي في جزئياته. . "، وتصحيحه في المخطوط (النسخة التركية لوحة 45، صفحة أ)، "ولكن يرى ظاهراً في المخلوقات، متجلياً في المصنوعات، وهو عنده عين وجود الموجودات، وشبهه تارة بظهور الكلي في جزئياته. . . ".
ومعلوم أنَّ التحريف السابق في النص يقلب القضية، ويعكس مذهب ابن عربي في وحدة الوجود، ليوافق فيه المسلمين.
المثال الثاني: جاء في المطبوع (7/ 595) ما يلي: "وكان مما حدثني عن شيخه الطاووسي الذي كان بهمدان عن يعد الدين ابن حمويه أنه قال: محي الدين ابن عربي بحر لا تكدره الدلاء! ! ولكن نور المتابعة النبوية التي على وجه الشيخ شهاب الدين السهروردي شيء آخر.