يريد تمويه المساجد بالذهب ونحوه ومنه قولهم: زخرف الرجل كلامه إذا موهه وزينه بالباطل والمعنى أن اليهود والنصارى إنما زخرفوا المساجد عندما حرفوا وبدلوا وتركوا العمل بما في كتبهم يقول: فأنتم تصيرون إلى مثل حالهم إذا طلبتم الدنيا بالدين وتركتم الإخلاص في العمل وصار أمركم إلى المراءاة بالمساجد والمباهاة بتشييدها وتزيينها انتهى. وقوله: ونحوه يعني من كل ما تزين به المساجد من الأصباغ والنقوش فهو أعم من تمويهها بالذهب واللام في قوله: لتزخرفنها لام القسم والنون للتأكيد يعني أن التشبه باليهود والنصارى في زخرفة المساجد واقع في هذه الأمة ولابد.
وقد استند ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: لتزخرفنها إلى آخره على ما رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أراكم ستشرفون مساجدكم بعدي كما شرفت اليهود كنائسها وكما شرفت النصارى بيعها» رواه ابن ماجه.
وله أيضا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما ساء عمل قوم قط إلا زخرفوا مساجدهم» قال ابن حجر رجاله ثقات إلا جبارة بن المغلس شيخه يعني: ابن ماجه ففيه مقال.
قلت: وحديث ابن عباس رضي الله عنهما في إسناده جبارة بن المغلس، وفيه أيضًا ليث وهو ابن أبي سليم، وفيه مقال، وبقية رجاله ثقات.
وذكر المروذي في كتاب «الورع» عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: «إذا حليتم مصاحفكم وزخرفتم مساجدكم فعليكم الدمار» وروى أبو نعيم في «الحلية» عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:» إذا زوقتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فالدمار عليكم».
وذكر المروذي في كتاب "الورع" عن أبي فزارة عن مسلم البطين