وروى البيهقي أيضا من حديث حماد بن سلمة عن أبي سنان عن يعلى بن شداد بن أوس عن عبادة رضي الله عنه أن الأنصار جمعوا مالا فأتوا به النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله ابن هذا المسجد وزينه إلى متى نصلي تحت هذا الجريد فقال: «ما بي رغبة عن أخي موسى، عريش كعريش موسى» قال الحافظ ابن كثير: هذا حديث غريب من هذا الوجه.
قلت: وقد احتج به الإمام أحمد رحمه الله تعالى وما ذلك إلا لثبوته عنده قال في رواية المروذي: قد سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكحل المسجد قال: «لا عريش كعريش موسى» قال أبو عبد الله: إنما هو شيء مثل الكحل يطلى به أي فلم يرخص النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه. انتهى كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
وفي سنن أبي داود وصحيح ابن حبان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أمرت بتشييد المساجد» قال ابن عباس رضي الله عنهما: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى.
وروى البخاري في صحيحه قول ابن عباس رضي الله عنهما تعليقا مجزومًا به وتقدم ذكره.
قال الخطابي وغيره التشييد رفع البناء وتطويله.
قلت: وفي قوله «ما أمرت بتشييد المساجد» نوع من التوبيخ والتأنيب لمن فعل ذلك من هذه الأمة.
قال علي القاري ما معناه، أن تشييد المساجد وتزيينها بدعة لأنه لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيه موافقة لأهل الكتاب انتهى.
وقال الخطابي: قوله لتزخرفنها معناه لتزيننها وأصل الزخرف الذهب