فترتفع معنويته وتعلو في نفسه منزلته، ويسترد فيها قيمته فلا يذل ولا يضعف إلا لله خالقه وخالق كل شيء. وفي إفاضته إلى المزدلفة والمشعر الحرام: امتثاله أمر الله وشكره على ما حباه مولاه من فضل ونعمة ورحمة وغفران، وفي رميه الجمار رميه لجميع عوامل الشر والفتنة وإغراءات الحياة وزخرفها التي يسببها الشيطان. وفي تكبيره عند كل حصاة تنبيه أن الله سبحانه وتعالى أكبر من أن يشغله عنه زُهُوُّ الحياة وفتنتها، وتسويلات الشيطان، وإغراءاته وأنه عبد مطيع لربه مخلص له في عبادته.
وفي نحره الأضاحي: امتثاله لأمر الله وشكره الذي وفقه لأداء شعائر دينه، ثم التقرب إليه لإطعام الفقراء والتصدق عليهم، والتوسعة على نفسه، وتطهيرها من دنس الشح (?). وفي حلقه أو تقصيره لشعر رأسه بعد ذكر الله والإِنابة إليه، وبعد التزامه العهود والمواثيق على العمل بما فيه رضاه، وعدم التعرض لمخالفته ومناهيه بعد ذلك كله إشارة منه (?) إلى إبعاده الذنوبَ عنه واستئصاله كل رذيلة، وابتعاده عن الأهواء والأغراض الشخصية وطرحه آماله من الدنيا الزائلة بهمة وعزيمة صادقتين.
وفي إقامته بمنى أيام التشريق في متعة وألفة: جمع للشمل بعد وعثاء السفر، وذكر الله تعالى وشكره على أفضاله ونعمه، وفي طوافه هو وإخوانه المسلمون حول الكعبة المطهرة واستلامهم الحجر الأسود، وتقبيلهم إياه مع اعتقادهم أنه حجر لا يضر ولا ينفع، أعظم دلائل الوحدة وقوة الرابطة،