ذكر صاحب المتن أعمام النبي صلى الله عليه وسلم، وقبل التعليق على هذا يحسن أن تعلم أن العم معروف أنه أخو الوالد، وأن عبد المطلب هو جد النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن له في أول الأمر إلا ابن واحد، ثم إنه اشتد عليه بعض الخلاف مع زعماء قريش فنذر إن رزقه الله أولاداً يمنعونه أن يذبح أحدهم، وهذا في الجاهلية، فرزقه الله جل وعلا أولاداً، فأراد أن يذبح ابنه عبد الله، ثم حصل ما حصل من قضية الاستهام، ففدي عبد الله بمائة من الإبل، فهؤلاء كلهم إخوة لـ عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم، فأصبح إخوة أبيه أعمامًا له.
نعود لأصل الموضوع: أصل الموضوع أن لوطًا عليه الصلاة والسلام -ويحسن بطالب العلم أن يربط بين حياة الأنبياء، ويفقه السنن التي يبعث الله جل وعلا من أجلها الرسل- كان ابن أخ لإبراهيم عليه الصلاة والسلام، فلما هاجر لوط ونزل أرض سدوم في جهة البحر الميت اليوم، وجاءته الملائكة بصورة أناس ذوي وجوه حسان تامي الخلقة، وفتن بهم قوم لوط، ودخلوا عليه وراودوه عن ضيفه كما قال القرآن، قال لوط -كما قال الله-: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود:80]، فكان يتمنى أن يكون له قوم ينصرونه على هؤلاء؛ لأنه لو كان منيعاً لما تجرأ هؤلاء عليه، قال صلى الله عليه وسلم كما في البخاري وغيره قال: (فما بعث الله نبياً بعده إلا في منعة من قومه).
فكان للنبي صلى الله عليه وسلم أعمام، وبنو هاشم كانوا لهم صيت عند القرشيين، وهذا كله من أجل حفظ نبينا صلى الله عليه وسلم، وقد بينا في السابق أن الإنسان قد يستفيد حتى من الكافر، فبنو هاشم مؤمنهم وكافرهم كانوا عصبة للنبي عليه الصلاة والسلام، وقلنا إنهم جميعاً دخلوا معه الشعب المؤمن منهم والكافر، وقبلوا الحصار؛ لأنهم يشعرون بالأنفة والحمية لمن يحمونه ولو كانوا يخالفونه.