أبو بكر من بني تيم، وهي في الأصل قبيلة قرشية لم تكن ذات شأن عظيم في قريش، ومع ذلك أخرج الله منها أعظم رجل في الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم، ومن مزايا أبي بكر التي منحها الله إياها دون غيره من الصحابة أن أباه وأمه أسلما، وهذه قلما يحضى بها صحابي سابق في الأول من المهاجرين الأولين، وأبوه أبو قحافة مات أبو بكر وهو مازال حياً، وتولى أبو بكر الخلافة وأبوه حي، وهذه لم تجتمع لخليفة -إن لم أنس- حتى لأحد خلفاء بني العباس، فلا يعقل أن يتولى إنسان خلافة وملكاً وأبوه حي.
وجاء أن أبا قحافة والد أبي بكر سمع ضجة في مكة فقال: ما هذا؟ قالوا: مات محمد صلى الله عليه وسلم، قال: من ولي بعده، وكان يسكن مكة ولم يهاجر، قالوا: ابنك أبو بكر، قال: أورضيت العرب؟ لأنه كان مازال ينظر بالمعيار السابق معيار الجاهلية، فقد أدرك الإسلام شيخاً كبيراً فقدم إلى النبي صلى الله عليه وسلم والشيب قد وخطه من أكثر جوانبه، ولحيته بيضاء.
وقد خلف أبناء منهم: محمد، ومنهم عائشة، ومنهم أسماء ذات النطاقين، وعبد الرحمن، فهؤلاء بعض أبنائه رضي الله تعالى عنه وأرضاه.