ذكره المصنف هنا بعثته صلوات الله وسلامه عليه.
فالوحي أعظم خصائص الأنبياء والرسل، وقد مر معنا في دروس عدة أن للأنبياء والرسل خصائص من أعظمها بلا شك وحي الله جل وعلا إليهم، والوحي له صور ثلاث: إما أن ينفث في روع النبي فيشعر أنه من الوحي دون أن يراه، وإما أن يأتي هذا الملك لهذا النبي فيخبره الخبر، وإما أن يكلم الله العبد من وراء حجاب، قال الله جل وعلا: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [الشورى:51].
فأما نفث الروع: فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب).
وأما بعث الرسول: فإن الرسول هو جبريل، ويأتي على حالتين: إما يأتي على صورة شخص غير معروف، أو صورة شخص معروف، هذه حالة.
والحالة الثانية: أن يأتي على صورته التي خلقه الله جل وعلا عليها، وقد جاء النبي عليه الصلاة والسلام -أي جبريل- في صورته التي خلقه الله تعالى عليها مرتين: مرة في أيام الوحي الأولى، ومرة في رحلة المعراج، قال الله جل وعلا: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ} [التكوير:23] هذه الأولى، وقال في النجم: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم:13].
والحالة الوسطى التي قلت: إنه يأتي فيها الملك في صورة شخص إما معروف أو مجهول، فصورة المجهول كما في حديث عمر: (كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر) لما انتهى الخبر قال: (هذا جبريل).