والبصريون منهم البغداديين؟ ويكفر أصحاب أبي علي الجبائي (?) ابنه أبا هاشم، وأصحاب أبي هاشم (?) يكفرون أباه أبا عليا؟ كذلك سائر رؤوسهم وأرباب المقالات منهم، إذا تدبرت أقوالهم رأيتهم متفرقين، يكفر بعضهم بعضاً، ويتبرأ بعضهم من بعض، وكذلك الخوارج والروافض فيما بينهم، وسائر المبتدعة بمثابتهم (?)، وهل على الباطل دليل أظهر من هذا؟ قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ} الأنعام: 159" (?).
ومن آثار البدع المتقابلة: أن صاحب البدعة إذا أصيب بمرضها، لا يرجع عن بدعته، بل يستمر فيها، مبعدة إياه عن طريق الحق، حتى يصعب عليه الرجوع والتوبة، إلا من رحم الله، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ من ضِئضِئِ هذا قومًا يَقرَؤونَ القرآنَ، لا يُجاوزُ حَناجِرَهم، يَمرُقونَ منَ الإسلامِ مُروقَ السهمِ منَ الرَّمِيَّةِ، يَقتُلونَ أهلَ الإسلامِ ويَدَعونَ أهلَ الأوثانِ، لئنْ أدرَكتُهم لأُقَتِّلَنَّهم قتلَ عادٍ)) (?). وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله احتجز التوبة عن كل صاحب بدعة)) (?)، أي: لا يوفقون لها (?).
فصاحب البدعة لا يتوب عن بدعته، وإن خرج عنها فإنه يخرج إلى ما هو شر منها، أو يُظهرُ الخروج عنها ويصر عليها باطناً.