إلا أن الحارث بن سريح خرج بزعمه منكراً للجور، ثم لحق بالترك فقادهم إلى أرض الإسلام، فأنهب الديار وهتك الأستار، والمعتزلة في سبيل ذلك" (?).

وأصحاب البدع المتقابلة هم أصحاب الفرق المفترقة عن طريق السنة والجماعة، المفارقة لأئمة المسلمين وجماعتهم، السالكة لغير سبيل السنة وأهلها، المباينة لنهج السلف الصالح (?).

3 - التفسيق والتكفير من غير برهان ولا دليل لمن خالف أصول دينهم المبتدع:

بعد أن تعتقد كل فرقة أنها على الحق، وغيرها على الباطل؛ ترى أن الحق الذي معها هو الدين الواجب اتباعه، وأن من خالفه فهو مبتدع أو كافر يجب معاداته، فتتوصل بذلك إلى تبديع أو تكفير جميع الفرق المخالفة لها. وهذا حال جميع أهل البدع (?).

وبما أن الكفر حكم شرعي، والمرجع فيه للكتاب والسنة، فلاشك أن الخوض فيه بعيداً عنهما مسلك خطير ومنهج منحرف، والكلام عن خطورته وانحرافه كلام طويل ليس هذا موضعه، إلا أن من الجدير بالذكر أن كل فرقة لم تكتفِ بما نحت إليه من بدع، بل حكمت على من خالف أقوالها بالكفر تارة، وبالفسق تارة أخرى، وهذا مشتهر عن أصحاب المقالات البدعية، وهو مما حذر منه علماء السنة قديماً، فلقد قال الإمام أبو العالية الرياحي (?): "تعلموا الإسلام؛ فإذا تعلمتوه فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم؛ فإنه الإسلام، ولا تحرفوا الإسلام يميناً ولا شمالاً، وعليكم

بسنة نبيكم والذي كان عليه أصحابه، وإياكم وهذه الأهواء التي تلقي بين الناس العداوة والبغضاء" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015