وهؤلاء في الحقيقة يزعمون: أن الله هو الفاعل الحقيقي لأفعالهم، وهذا كلام ظاهر البطلان، بخلاف ما عليه أهل السنة، الذين يقولون: إن الله هو الخالق، والعبد هو الفاعل، ولذا ترتب على فعله الثواب، والعقاب.
ولا تزال هذه الأقوال تقال على ألسنة طوائف من أهل الأهواء والبدع كالمرجئة-الأشاعرة والجهمية الكلابية-، والجبرية، وغلاة الصوفية (?)، ومن يعتقدون تأثير الكواكب، وغيرهم، وكما أن بدعة القدر ظهرت قديماً، فهي وما تزال موجودة إلى الآن (?).
ومن أجل هذا فإن الانحراف المؤدي إلى الإفراط في الإيمان بالقضاء والقدر، يأتي من طريقين، هما:
لما ظهر من ينكر علم الله بالجزئيات ومن ينكر مشيئة الله وخلقه، ظهر في المقابل من يثبت لله - عز وجل - خلق المخلوقات وأمر المأمورات لا لعلة ولا لحكمة؛ بل إنه تعالى فعل ذلك لمحض المشيئة والإرادة، وتسويتهم بين محبة الله ومشيئته، ونفيهم تعليل أفعال الله، أو أن تكون له فيها حكمة تعود إليه، نتج عن هذا أن جوزوا عقلاً كل ممكن عليه سبحانه، حتى تعذيب أوليائه وتنعيم أعدائه، وأن يأمر بما لا منفعة فيه، بل ما يكون ضرراً محضاً؛ لأنه تصرف في ملكه، ولا ملك إلا ملكه فيكون الظلم ممتنعاً عنه، وكل ما شاءه الله حسن؛ لأنه يحبه (?).
وهذا النفي لحكمة الله - سبحانه وتعالى - دفعهم إلى سلب العباد إرادتهم ومشيئتهم، وإلى القول بأن العبد مجبور على فعله، ولا قدرة له ولا اختيار، في مقابل قدرة الله واختياره، وأن الله وحده هو الخالق لأفعال العباد وأعمالهم، إنما تنسب إليهم مجازاً (?) كما تنسب إلى الجمادات، كما