كما أن الإيمان باليوم الآخر من الإيمان بالغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى كما دلت على ذلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فلم يُطلع عليه ملكاً مقرباً ولا نبياً مرسلاً، فلا يعلم أحدٌ متى تقوم الساعة إلا الله تعالى، وإذا كان الأمر كذلك، فإنّ العقل البشري يجب عليه أن يتقبّل ما ورد عن الله تعالى كما جاء بلا إنكار أو تأويل.
لذلك نجد أن السلف -رحمهم الله- قد قبلوا نصوص المعاد على ظاهرها، ولم يبحثوا في كيفية ما يرد من أحوال الآخرة؛ لأنها مما يجب الإيمان به كما ورد من غير تحريف ولا تأويل؛ ولأنه لا يحكم على الغيب إذ لا يقاس عالم الغيب على عالم الشهادة؛ ولأن كثيراً من أحوال الآخرة الإيمان بها منوط بالإيمان بكمال قدرة الرب تعالى (?)، خلافاً لمن فتح باب الخوض فيها على مصراعيه من أصحاب البدع المتقابلة، حتى أفضى ببعضهم الأمر إلى إنكار ما جاء به الشرع، بحجّة الاعتماد على العقل.
لذلك كان مذهب السلف الصالح - رضي الله عنهم - في باب الإيمان باليوم الآخر يقوم على أربعة ركائز:
الأولى: الإيمان بما يكون قبله مما هو مقدمة له كالموت، وعذاب القبر (?)، وأشراط الساعة.
الثانية: الإيمان بالبعث.
الثالثة: الإيمان بالحساب والجزاء، وأحوال اليوم الآخر.
والرابعة: الإيمان بالجنة والنار (?).
ويحسن قبل الشروع في مباحث هذا الفصل التمهيد بتعريفه وبيان أهميته.