إن موقف المسلمين في باب الإيمان بالرسل عليهم السلام، مستند إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فهما سداه ولحمته-، ولذا جاء موقفهم موقفاً معتدلاً وسطاً، لا غلو فيه ولا إفراط (?)، بينما تأرجح أصحاب البدع في الإيمان برسل الله - عز وجل - بين غالٍ وجافٍ، فتعددت طرق القرآن العظيم في بيان فساد سلوك المخالفين والتحذير منها، وفيما يلي بعض الآيات الرادة على ذلك:
الآية الأولى:
قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6)} فصلت: 6، تردُ هذه الآية على بدعتين متقابلتين، وبيان ذلك فيما يلي:
أتت هذه الآية للرد على بدعة الجفاة المنكرين للرسل من الملاحدة والمشركين وغيرهم، فأثبتت اصطفاء الله من يشاء من البشر، وتخصيصه بالوحي ليكون من الأنبياء لإبلاغ رسالته، قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ}.
ثم استطردت هذه الآية في بيان نوع المهمة الموكلة إلى رسله عليهم السلام، وهي قولهم لأقوامهم: {أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6)}، فكان من أنكر الرسل كافراً؛ لأن الله فرض على الناس أن يعبدوه بما شرعه على ألسنة الرسل، فإذا جحدوا الرسل ردّوا عليهم شرائعهم، ولم يقبلوها منهم، فكانوا ممتنعين من التزام العبودية التي أُمروا بالتزامها، فكان كجحد الصانع سبحانه، وجحد الصانع كفر لما فيه من ترك التزام الطاعة والعبودية، وكذلك التفريق بين الله ورسله (?).