تكلف المبتدعة تقديس العقل، فردوا به نصوص الوحي، زاعمين أنهم ليسوا بحاجة للرسل؛ لأن عقولهم تفرق بين الحسن والقبيح، ومما يدلك على ضرورة بطلان هذا الادعاء، ما يلي (?):
1 - أن العقل محدود في عمله:
العقل له مجال معين يعمل فيه، وهو عالم الماديات دون الغيبيات، فهو لا يزال يعمل في هذا الجانب ويكتشف الاكتشافات ويبتكرها وليست معلومة لديه دفعة واحدة، لذا فإن العقل ليس المصدر الوحيد للمعرفة، فمن المعلوم أن مصادر المعرفة متعددة (?)، وكما أن سائر الآلات في الإنسان محدودة ويصيبها الضعف، فهكذا العقل محدود ويصاب بالضعف.
2 - عجز العقل عن إدراك عالم الغيب:
إن العقل لا يمكنه أن يدرك عالم الغيب (?) وما يحصل في المستقبل، وهل هناك مخلوقات أخرى كالجن والملائكة، ومعرفة حقيقة الروح في جسم الإنسان، وما الذي يحصل للإنسان في قبره، وماذا يكون للبشرية بعد الموت من الحساب والجزاء والجنة والنار، وكذلك معرفة الخالق سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله، كل ذلك وغيره كثير مما لا يمكن للعقل مهما كان ذكاؤه أن يدركه على حقيقته إدراكاً تاماً، فكان لابد من إرسال الرسل من عند الخالق سبحانه لتعريف الإنسان بذلك.
3 - عجز العقل عن إدراك ألوهية الله وعبادته:
إن العقل عاجز عن الوصول إلى المعبود الحق ومعرفة أنه المستحق للعبادة وحده لا شريك له، وأنه لا يجوز صرف العبادة لغير الله جل وعلا، ولذا تجد أن العقل يتخبط في هذا الجانب ويحتار، وهنا اختلفت العقول وتباينت معبوداتها قديماً وحديثاً.