إلا أنهم غلوا حتى سلبوا الإيمان بذهاب بعض الواجبات، وفي المقابل فإن المرجئة أقرب إلى أهل السنة في الحكم الأخروي (?)، وكلا الفريقين انحرف عن الحق- منهج أهل السنة-.

- رابعا: أثر اجتماع الرد على البدع المتقابلة في موطن واحد.

كلا الفرقتين انحرفتا عن الحق، والصواب المحض مع أهل السنة؛ "فعقيدة أهل السنة أصح مباني وأوضح معاني، وحسبك أنها جامعة لمحاسن العقائد" (?).

لذلك منعوا من أن يكون للإيمان حد أدنى لا يكون فيه تفاوت (?): فشعب الكفر الأصغر لا تنافي أصل الإيمان، وإنما تنافي كماله، وإنما الذي ينافي أصل الإيمان شعب الكفر الأكبر (?).

لذا فإن جنس العمل -وهو جملة الالتزام بالشريعة- عند أهل السنة ركن في الإيمان، وأما آحاده فمنها ما لا يتحقق أصل الإيمان إلا به، ومنها ما هو من كماله، ففوات بعض الآحاد المحققة لأصله يقتضي انتفاء الإيمان، بخلاف الآحاد المقتضية لتحقيق كماله الواجب أو المستحب، فإنه لا يقتضي انتفاءه أي: انتفاء الإيمان جملة كما دلت عليه النصوص؛ لأن أهل السنة لا يسلبون المسلم مطلق الإيمان بل يسلبونه الإيمان المطلق الذي رتب الله تعالى عليه المديح والثناء، ودخول الجنة ابتداء (?).

لذا فهم مجمعون على جواز اجتماع شعب إيمان وشعب كفر في الشخص الواحد، باعتبار أن شعب الكفر متفاوتة، كما أن شعب الإيمان متفاوتة، فالذي يمكن أن يجتمع مع أصل الإيمان، ولا ينافيه هي شعبُ الكفر الأصغر والتي تنافي كمال الإيمان الواجب لا أصله، وهذا الذي دلت عليه النصوص وقام عليه الإجماع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015