بزعمهم- والتفريق بين لوازمها الذاتية والعرضية، أدى بهم إلى الحكم بأن العمل ليس داخلاً في الماهية ولا من اللوازم العرضية، وإنما هو من قبيل "العرض العام" (?).

لأنهم أرادوا استخراج القدر الكلي المشترك بين درجات الإيمان، ليتصوروا ماهية الإيمان وحقيقته بمعزل عن صفاته العرضية (?)، فكان طبيعياً ألا يدخلوا الأعمال في الإيمان؛ لأنها مفقودة بكاملها عند من يصدق بقلبه ولم يقر بلسانه -بدلالة اللغة-، أو من أقر بالإيمان ولم يعمل شيئاً -بدلالة حديث الجارية (?) بزعمهم-، وبذلك جاءت تعاريفهم للإيمان خالية من ذكر عمل الجوارح بالمرة، بل محصورة في عمل قلبي واحد وهو التصديق أو الاعتقاد (?).

ويمكن الإشارة باختصار إلى أخطر النتائج التي ترتبت على ذلك، وهي:

- انحصار مفهوم العبادة في القلب: وهذا التصور الضيق للعبادة أدى إلى إهمال أركان الإسلام والإيمان، فأصبح الإنسان بوسعه أن يتصور مؤمناً لا يؤدي من أعمال الإسلام شيئاً، وهذا ما شجع على التفلت من التكاليف الشرعية؛ لأن النفس البشرية بطبيعتها ترغب الدعة وترك العمل (?).

- إهمال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: بناءً على انحصار مفهوم العبادة في القلب، أصبحت الشعائر التعبدية (?) تؤدى كعادات موروثة ليس لها أثر في الحياة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015