ذلك بشيء من كتب الأوائل: اليهود والنصارى والمجوس والصابئين، فإنهم قرأوا كتبهم، فصار عندهم من ضلالتهم ما أدخلوه في مسائلهم ودلائلهم، وغيروه في اللفظ تارة، وفي المعنى أخرى! فلبسوا الحق بالباطل، وكتموا حقا جاء به نبيهم، فتفرقوا واختلفوا وتكلموا حينئذ في الجسم والعرض والتجسيم، نفيا وإثباتا" (?).

قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: "فلعسر الفرق والتمييز، يميل قوم إلى زيادة في الإثبات، وآخرون إلى زيادة في النفي العام، ولهذا كان مذهب الإمام أحمد والأئمة الكبار: النهي عن الإثبات العام والنفي العام، بل إما الإمساك عنهما، وهو الأصلح للعموم، وهو جمل الاعتقاد، وأما التفصيل المحقق فهو لذي العلم من أهل الإيمان، كما أن الأول لعموم أهل الإيمان" (?).

وقال أيضاً: " هذا الغلو من جانب الإثبات يقابل التكذيب من جانب النفي، وكلاهما خارج عن السنة والجماعة" (?).

لذلك جاءت الأساليب القرآنية بلفت الأنظار بذكر الموازنة بين الضدين، وإثبات عدم المساواة بينهما لتأخذ بالقلوب نحو اختيار النافع والصالح، وترك ما سواه، كما أن للقرآن الكريم أساليب متعددة في توجيه أولي الألباب إلى المفاضلة بين الضدين وعدم المساواة بينهما (?)، ولفظة البدع المتقابلة سيتناولها هذا البحث، من جهة المقابلة في المعنى (?) دون اللفظ.

وقد أوضح ابن الأثير - رحمه الله - بخصوص (التقابل المعنوي)، بقوله: "واعلم أن في تقابل المعاني باباً عجيب الأمر، يحتاج إلى فضل تأمل، وزيادة نظر وتدبر" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015