ويثبت أهل السنة والجماعة محبة الله للحسنات وأنها أسباب لما هو محبوب له وهي الرحمة والإحسان، وأن السيئات مبغوضة له، وأنها أسباب لما هو محبوب له وهو العدل (?).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " وأعظم ما دعا الله الخلق إليه في كتابه ودعت إليه الرسل هو التوحيد، وأعظم ما نهى عنه الشرك" (?)، ولا يتحقق أصل التوحيد إلا بالإتيان بحسنة عظيمة، هي أساس الحسنات ولبُّها؛ وهي شهادة التوحيد: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، وهي كلمة التوحيد، المشتملة على أهم المطالب وأعظم المراتب؛ فإن التوحيد أصل الدين وجماعه، وظاهره وباطنه، وأوله وآخره (?).

فاتضح بهذا أنه لا بد للإقرار بالشهادتين من العمل بمقتضاها؛ وذلك أن لا يُعبد إلا الله، ولا يأله القلب غيره حباً ورجاء وخوفاً وتوكلاً وخضوعاً وإنابة وطلباً -وكل هذا من جملة الحسنات العظيمة-، ولا يُعبد إلا بما شرع رسوله - صلى الله عليه وسلم - والتعبد بخلاف هذا من السيئات (?).

فتوسط أهل السنة والجماعة بين الوعيدية في هذا الباب - أعني مكانة الحسنات والسيئات وتأثيرها على توحيد الألوهية- الذين هم أحسن حالاً من المرجئة؛ لأنهم في اسم الإيمان أقرب إلى قول أهل السنة، وعندهم من تعظيم شأن الطاعات والمعاصي ما ليس عند أولئك، إلا أنهم غلوا حتى سلبوا الإيمان بذهاب بعض الواجبات.

وبين المرجئة نفاة التعليل والحكم والأسباب واقتضائها للثواب والعقاب، إلا أنهم -أي المرجئة- أقرب إلى أهل السنة في الحكم الأخروي (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015