إن الطريق الفطري إلى إثبات توحيد الألوهية هو توحيد الربوبية؛ لأن القلب يتعلق أولاً بتوحيد الربوبية، ثم يرتقي إلى توحيد الألوهية (?)، فمعرفة الله لا تكون بدون عبادته، والعبادة لا تكون بدون معرفته تعالى، فهما متلازمان، كما أن توحيد الألوهية متضمن توحيد الربوبية، بمعنى أن توحيد الربوبية جزء من معنى الألوهية، فيكون توحيد الألوهية خارج عن مدلول توحيد الربوبية، لكن لا يتحقق توحيد الربوبية إلا بتوحيد الألوهية، لذا كان هذا الفصل انتقالاً من الخاص إلى العام.
وقد جعلَ الله - عز وجل - من مظاهر تفرده بالربوبية في خلق الحاضرين والغابرين وتمهيد الأرض ورفع السماء وإنزال الماء منها وإخراج الرزق من الثمرات، سبيلاً إلى توحيد الألوهية وآية بينة على استحقاقه وحده للعبادة، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)} البقرة: 21 - 22.
ويحسن قبل الشروع في مباحث هذا الفصل التمهيد بتعريفه وبيان أهميته.
الألوهية لغةً: مصدر أَلَه يألَه أُلوهة وألوهية، والتأله هو: التعبد (?).