ولا شك أن كل من أثبَت لغير الله - عز وجل - أفعالاً وأعمالاً تتعلق بكماله وقدرته التي لا يمكن أن تكون من غيره سبحانه (?)، فقد عطل الله عن كماله وأشرك في صفته "القدرة الكاملة"؛ لأن ملا يكون في مقدور البشر أن يفعلوه فهو من خصائص الربوبية (?).
وما فِعْلُ كثيرٍ من الطوائف والفرق والديانات والنحل إلا تعطيل لكمال الله المقدس؛ لذلك فإنهم لم يوفوا الربوبية حقها، حيث يعتقد الرافضة- مثلاً- في أئمتهم أنهم يعلمون الغيب، وتخضع لهم ذرات الكون ونحو ذلك، وكذلك يعتقد الباطنية والصوفية في أوليائهم نحو ذلك، كما أن القدرية أخرجوا أفعال المخلوق عن أن تكون مخلوقة لله فعطلوا هذه الحوادث عن خالق لها، وغير ذلك من اعتقاد بعض الفرق في تأثير وتصرف غير الله تعالى، من الأبراج والكواكب ومساراتها ومواقعها على حياة الناس، أو اعتقاد أن المخلوق يمكنه أن يرزق المخلوق، أو يمنع عنه الرزق، أو يمكنه أن يضر، أو ينفع من دون الله تعالى، أو اعتقاد حلول الله تعالى في خلقه، أو أن الله في كل مكان، أو اعتقاد التوفيق في حياة العبد من ذكائه، أو جهده واجتهاده، وغيرها من الاعتقادات التي تناقض الإيمان وتبطله (?).
كما أن تمثيل الخالق بالمخلوق فيما يختص بالمخلوق من صفات النقص التي يجب تنزيه الرب عنها، أنه تعطيل لكمال الله المقدس. وهذا ما وقع من اليهود حيث قالوا: إن الله فقير، وقالوا: يد الله مغلولة، وقالوا: إنه تعب من الخلق فاستراح يوم السبت وغير ذلك. ووقع أيضاً من الجهمية النفاة فإنهم قالوا: إن الله تعالى لا يتكلم ولا يحب ونحو ذلك من نفيهم (?).
وهؤلاء الطوائف ضلوا في مباحث التوحيد التي هي أشرف المباحث وأعلاها، فلم يهتدوا إلى معرفة توحيد الله {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40)} النور: 40، وضلال ما ذهبوا إليه واضح وضوح الشمس.