قول خصمائه (أي إبراهيم - عليه السلام - وخصمائه الصابئة) كما هو مأخوذ من قول فرعون خصم موسى - عليه السلام - فإن فرعون أظهر جحد الصانع وعلوه على خلقه، وجحد تكليمه لموسى، وقوم إبراهيم كانوا مشركين كما أخبر الله - عز وجل - عنهم بذلك، وكان فيهم من هو معطل، كما ذكر تعالى ذلك. والفلاسفة القائلون بدعوة الكواكب: فيهم المشرك، وفيهم المعطل. ونفي الصفات من أقوالهم، فمنهم من لا يثبت لهذا العالم المشهود رباً أبدعه، كما هو قول الدهرية الطبيعية منهم، ويجعلون العالم نفسه واجب الوجود بذاته، ومنهم من يثبت له مبدعاً واجباً بنفسه أبدعه، كما هو قول الدهرية الإلهية منهم، ويقولون: إن الواجب ليس له صفة ثبوتية، بل صفاته: إما سلب، وإما إضافة، وإما مركبه منهما (?)، وكان الجعد بن درهم من أهل حرَّان. وكان فيهم بقايا من الصابئين (?)
والفلاسفة، خصوم إبراهيم الخليل - عليه السلام -، فلهذا أنكر تكليم موسى وخلة إبراهيم، موافقة لفرعون والنمرود، بناءً على أصل هؤلاء النفاة، وهو أن الرب تعالى لا يقوم به كلام، ولا يقوم به محبة لغيره، فقتله المسلمون، ثم انتشرت مقالته فيمن ضلَّ من هذا الوجه" (?).
والمدقق النظر في معطلة الأسماء والصفات أو بعضها، يرى أن أقوالهم تفضي إلى إنكار الخالق؛ لأن الذي لا صفات له لا وجود له، ولا يمكن معرفته.
من التفريط في توحيد الربوبية تعطيل كمال الله ونسبة النواقص إليه؛ لأن الإيمان بالله تعالى مبني على التعظيم والإجلال للرب - عز وجل -.