السدي" (?). قال ابن عباس - رضي الله عنه -: ((ما نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آية هي أشد ولا أشق من هذه الآية عليه))، ولذلك قال لأصحابه حين قالوا له: لقد أسرع إليك الشيب! فقال: ((شيبتني هود وأخواتها)) (?).

قال أبو حامد الغزالي - رحمه الله - (?):

" ((شيبتني هود وأخواتها)) أراد به - صلى الله عليه وسلم - قوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}، فإن الامتداد على الصراط المستقيم في طلب الوسط بين هذه الأطراف شديد، وهو أدق من الشعرة وأحد من السيف (?)، كما وصف من حال الصراط في الدار الآخرة ومن استقام على الصراط في الدنيا استقام عليه في الآخرة، بل يكون في الآخرة مستقيماً، إذ يموت المرء على ما عاش عليه، ويحشر على ما مات عليه، ولذلك يجب في كل ركعة من الصلاة سورة الفاتحة، المشتملة على قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}، فإنه أعز الأمور وأعصاها على الطالب، ولو كلف ذلك في خُلُقٍ واحد لطال العناء فيه، فكيف وقد كلفنا ذلك في جميع الأخلاق، مع خروجها عن الحصر، ولا مخلص عن هذه المخاطرات إلا بتوفيق الله ورحمته" (?).

الآية الثانية: قال تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} النساء: 171، المائدة: 77.

تتضمن هذه الآية النهي عن الغلو والتزام الوسطية. ووجه الاستدلال من الآية أنه قال سبحانه: {لَا تَغْلُوا}، و (تَغْلُوا) فعل جاء في سياق النهي فهو يعم جميع أنواع الغلو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015