أهل الصراط المستقيم الواضح، ليتخبطوا في مناهجهم المضطربة، وصدق فيهم قوله تعالى: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (4) فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ} الأنعام: 4 - 5.
وقال ابن أبي العز الحنفي (?)
- رحمه الله - وصف حالهم: "جميع أهل البدع مختلفون في تأويل القرآن، فهم مؤمنون ببعضه دون بعض، يقرون بما يوافق رأيهم من الآيات، وما يخالفه: إما أن يتأولوه تأويلاً يحرفون فيه الكلم عن مواضعه، وإما أن يقولوا: [هذا متشابه لا يعلم أحد معناه، فيجحدون ما أنزله الله من معانيه] وهو في معنى الكفر بذلك؛ لأن الإيمان باللفظ بلا معنى هو من جنس إيمان أهل الكتاب، كما قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} الجمعة: 5، وقال تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} البقرة: 78، أي: إلا تلاوة من غير فهم معناه. وليس هذا كالمؤمن الذي فهم ما فهم من القرآن فعمل به، واشتبه عليه بعضه فوكل علمه إلى الله، كما أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ((فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه)) (?)، فامتثل ما أمر به - صلى الله عليه وسلم - " (?).
قال الله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)} الأنعام: 153، وقال - عز وجل -: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} يوسف: 108.
وقال الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} هود: 112، أي: أن يستقيم كما (أُمر) لا كما (يُريد) وهو نبي، ولو كان لأحدٍ أن يستقيم كما يريد لكان محمد - صلى الله عليه وسلم - (?)، فكيف بمن دونه.