وبين ابن القيم - رحمه الله -: إن الناس قد تنوعت عباراتهم في معنى الصراط المستقيم، وأن حقيقته شيء واحد وهو طريق الله الذي نصبه لعباده موصلاً لهم إليه، ولا طريق إليه سواه، وهو إفراده بالعبودية وإفراد رسوله بالطاعة، فلا يشرك به أحد في عبوديته. ولا يشرك برسوله أحد في طاعته، فيجرد التوحيد، ويجرد متابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - (?).

يقول ابن تيمية - رحمه الله -: "ومن تدبر حال اليهود والنصارى مع المسلمين، وجد اليهود والنصارى متقابلين، هؤلاء في طرف الضلال، وهؤلاء في طرف يقابله، والمسلمون هم الوسط، وذلك في التوحيد والأنبياء والشرائع، والحلال والحرام والأخلاق وغير ذلك" (?).

الآية الثالثة: قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)} الأنعام: 153.

أفادت الآية أن طريق الحق واحدة (?)، وأن للباطل طرقاً متعددة، وتعددها لم ينحصر بعدد مخصوص. وهكذا الحديث المفسر للآية، وهو قول جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: "كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فخط خطاً وخط خطين عن يمينه، وخط خطين عن يساره، ثم وضع يده على الخط الأوسط، فقال: هذا سبيل الله، ثم تلا هذه الآية: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)} الأنعام: 153" (?)؛ لذا فالوسطية صراط خطه النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أمر الناس بالسير عليه لا بالبحث عنه، وكذلك فتفسيره - صلى الله عليه وسلم - يدل على شمول الآية لجميع طرق البدع، فلا تختص ببدعة دون أخرى (?)؛ فالصراط المستقيم هو سبيل الله الذي دعا إليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015