ثم ساق أبو رية فصولاً لم أنعم النظر فيها، وفيها مواضع قد تقدم الكلام فيها، إلى أن قال ص300 «المحدثون لا يعنون بغلط المتون، والمحدثون قلماً يحكمون على الحديث بالاضطراب إذا كان الاختلاف فيه واقعاً في نفس المتن، لأن ذلك ليس من شأنهم من جهة كونهم محدثين، وإنما هو من شأن المجتهدين، وإنما يحكمون على الحديث بالاضطراب إذا كان الاختلاف فيه في نفس الإسناد لأنه من شأنهم»
أقول: الاختلاف في المتن على أضرب: الأول ما لا يختلف به المعنى. وهذا ليس باضطراب
الثاني ما يختلف به معنى غير المعنى المقصود، وهذا قريب من سابقه، ومنه القضية التي استدل بها أبو رية في عدة مواضع يحسب أنه قد ظفر بقاسمة الظهر للحديث النبوي! وهي الاختلاف والشك في الصلاة الرباعية التي سها فيها النبي صلى الله عليه وسلم فسلم من ركعتين فنبهه ذو اليدين، فوقع في رواية «إحدى صلاتي العشي» وي رواية «الظهر» وفي أخرى «العصر» فالأخريان مختلفتان لكن ذلك لا يوجب اختلافاً في المعنى المقصود فإن حكم لصلوات في السهو الواحد
الثالث ما يختلف به معنى مقصود لكن في الحديث معنى آخر مقصود لا يختلف كقصة المرأة التي زوجها النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً بأن يعلمها ما معه من القرآن وقد تقدمت ص 59
الرابع ما يختلف به المعنى المقصود كله، فهذا لا يصح السند بالوجهين وأمكن الترجيح فالراجح هو الصحيح، وإلا فالوقف، والغالب أن البخاري ومسلماً ينبهان على الترجيح بطرق يعرفها من مارس الصحيحين، وكذلك كتب السنن يكثر فيها بيان الراجح، لكن قد لا يتبين لأحدهم فيرى أن عليه إثبات الوجهين يحفظهما لمن بعده، فرب مبلغ أوعى من سامع