وذكر أحاديث، ثم قال «باب هجاء المشركين» وذكر أحاديث، ثم قال باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان حتى يصده عن ذكر الله والعلم والقرآن» وأخرج فيه حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم «لأن يمتلئ جوف أحدكم قبيحاً خيراً له من أن يمتلئ شعراً» ومن حديث أبي هريرة، «لأن يمتلئ جوف رجلاً قبيحاً يريه خير من أن يمتلئ شعراً» ، وأخرج مسلم في صحيحه حديث أبي هريرة ثم أخرج مثله من حديث سعد بن أبي وقاص، ثم من حديث أبي سعيد الخدري مثله كلمة «يريه» وقد جاء الحديث في غير الصحيحين عن غير هؤلاء من الصحابة. وأما ما ذكره أبو رية عن عائشة فهو من رواية الكلبي وهو كذاب، عن أبي صالح مولى أم هانئ وهو واه. والإناء إذا امتلأ بشيء لم يبق فيه متسع لغيره، فمن أمتلأ جوفه شعراً امتنع أن يكون ممن استثنى في الآية ووصف بقوله «وذكروا الله كثيراً» وهذا بحمد الله واضح. وقد علق أبو رية في الحاشية ما لاحاجة بنا بعد ما مر إلى النظر فيه
/ ثم قال أبو رية ص 180 «ومن عجيب أمر الذين يثقون بأبي هريرة ثقة عمياء أنهم يمنعون السهو والنسيان عنه، ولا يتحرجون من أن ينسبوهما إلى النبي صلوات الله عليه ... »
أقول: لم يمنع أحد أن يسهو أبو هريرة أو ينسى، ولكننا تصديقا النبي صلى الله عليه وسلم إيماناً به وببركة دعائه تقول: إن أبا هريرة لم ينس شيئاً من المقالة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لن ينسى منها شيئاً وأنه فيما عداها من الحديث كان من أحفظ الناس له ومن الناس من فهم أن خبر النبي صلى الله عليه وسلم بعدم النسيان يعم ما سمعه أبو هريرة منه في مجلسه ذلك وبعده وقد مر النظر في ذلك. والخير والفضل والكمال في ذلك كله عائد إلى الله ورسوله، فأما ما عدا الحديث فلم يقل أحد إن أبا هريرة لا يسهو ولا ينسى.