رداءك، قال فبسطته، قال فغرف بيديه/ ثم قال: ضم. فضممت، فما نسيت شيئاً بعد»
هذه الرواية تصف فيما يظهر واقعة أخرى، فكأن أبا هريرة استفاد من الواقعة الأولى حفظ المقالة التي حدث بها النبي صلى الله عليه وسلم في ذاك المجلس على وجهها رغب في الزيد فقال للنبي صلى الله عليه وسلم «إ ني أسمع منك حديثاً كثيراً أنساه» وهذا القول لا يقتضى كما لا يخفى نسيان كل ما يسمع ولا نسيان المقالة التي تقدم خبرها. على أن المفهوم قد يحمله حرصه على المبالغة في الشكوى. وتقد ص 100 ذكر شهادة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة بأنه أحرص الصحابة على العلم، وقد تقدم ص105 ما يتعلق بذلك، وليس هذه الرواية ذكر نص عن النبي صلى الله عليه وسلم بعدم النسيان لشيء بعد ذلك، وإنما فيها قول أبي هريرة فما نسيت شيئاً بعد» يعني شيئاً من الحديث لأن الشكوى إنما كانت من نسيانه، وهذه الكلمة بناها على اعتقاده حين قالها فلا يمتنع أن نسي بع ذلك شيئاً من الحديث أو أن يتبين أنه قد كان نسى ولم يستحضر ذلك
ثم قال أبو رية ص 178 «روى مسلم عن الأعرج قال: سمعت أبا هريرة يقول: إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله، والله الموعد، كنت رجلاً مسكيناً أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني، وكان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق، وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم، فقال رسول الله: من يبسط ثوبه فلن ينسى شيئاً سمعه مني. فبسطت ثوبي حتى قضى حديثه ثم ضممته إلى فما نسيت شيئاً سمعته منه
قال مسلم: إن مالكاً انتهى حديثه عند انقضاء قول أبي هريرة. ولم يذكر في حديثه الرواية عن النبي: من يبسط ثوبه الخ. ولا ريب في أن رواية مالك هي الصحيحة لأن الكلام بعد ذلك مفكك الأوصال، ولا صلة بينه وبين الذي قبله»