كانت الصلاة قبل الهجرة ركعتين ركعتين كما ثبت في الصحيح، فخمسون صلاة مائة ركعة، وليس أداة مائة ركعة في اليوم والليلة بمستحيل، وفي الناس الآن من يصلي في اليوم والليلة نحو مائة ركعة، ومنهم من يزيد، وفي تراجم كثيرمن كبار المسلمين أن منهم من كان يصلي أكثر من ذلك بكثير، بل إن أداء مائة ركعة في اليوم والليلة ليس بعظيم المشقة في جانب ما لله عز وجل من الحق وما عنده من عظيم الجزاء في الدنيا والآخرة، نعم قال الله تعالى (45:3 واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين، الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون» . وما وقع في كلام موسى «إن أمتك لا تطيق» وفي رواية «لا تستطيع» ليس معناه أن ذلك مستحيل، وإنما معناه أن ذلك يشق عليها، ولهذا أطلق هذه العبارة بعد بيان رجوع الصلاة إلى خمس، قال موسى «إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم» راجع مفرات / الراغب (طوع) و (طوف)

فأما الله تعالى فالفرض في علمه خمس صلوات فقط. ولكنه سبحانه إذا أراد أن يرفع بعض عباده إلى مرتبه هيأ له ما يستحق به المرتبة، ومن ذلك أن يهيئ ما يفهم منه العبد أنه مكلف بعمل معين شاق فيقبل التكليف ويستعد لمحاولة الأداء فحينئذ يعفيه الله تعالى من ذلك العمل ويكتب له جزاء قبوله ومحاولة الوفاء به أو الاستعداد لذلك ثواب من عمله، ومن هذا القبيل قصة إبراهيم في ذبح ابنه

وأما محمد صلى الله عليه وسلم فكان يعلم أن الأداء ممكن كما مر، وكان في ذلك المقام الكريم مستغرقاً في الخضوع والتسليم ووفقه الله عز وجل لقبول ما فهمه في فرض خمسين والاستعداد لأدائها ليكون هذا القبول والاستعداد مقتضياً لاستحقاق ما أراد الله عز وجل أن يعطيه وأمته من ثواب خمسين صلاة، وقبوله واستعداده عنه وعن أمته في حكم قبول الأمة فإنها تبع له وكان هو النائب عنها، على أنه ما من مؤمن من أمته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015