وَذَكَرَ الْقَاضِي أَيْضًا: أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ. كَمَا لَا تُسْمَعُ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ عَلَيْهِ فِي دَيْنٍ يُنْكِرُهُ، فَقِيلَ لَهُ: لَا سَبِيلَ لِلشَّاهِدَيْنِ إلَى مَعْرِفَتِهِ، فَقَالَ: لَهُمَا سَبِيلٌ، وَهُوَ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى ثَمَنَ مَبِيعٍ فَأَنْكَرَهُ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ لِلشَّاهِدَيْنِ سَبِيلًا إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ، بِأَنْ يُشَاهِدَاهُ أَبْرَأَهُ مِنْ الثَّمَنِ، أَوْ أَقْبَضَهُ إيَّاهُ، فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يُقْبَلَ. انْتَهَى. وَفِي الرَّوْضَةِ فِي مَسْأَلَةِ النَّافِي لَا سَبِيلَ إلَى إقَامَةِ دَلِيلٍ عَلَى النَّفْيِ، فَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُعْرَفُ بِأَنْ يُلَازِمَهُ الشَّاهِدُ مِنْ أَوَّلِ وُجُودِهِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَى، فَيَعْلَمُ سَبَبَ اللُّزُومِ قَوْلًا وَفِعْلًا، وَهُوَ مُحَالٌ. انْتَهَى. وَفِي الْوَاضِحِ: الْعَدَالَةُ تَجَمُّعُ كُلِّ فَرْضٍ، وَتَرْكُ كُلِّ مَحْظُورٍ، وَمَنْ يُحِيطُ بِهِ عِلْمًا؟ التَّرْكُ نَفْيٌ، وَالشَّاهِدُ بِالنَّفْيِ لَا يَصِحُّ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُسْتَخْفِي، وَمَنْ سَمِعَ رَجُلًا يُقِرُّ بِحَقٍّ، أَوْ سَمِعَ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ أَوْ يُشْهِدُ عَلَى حُكْمِهِ وَإِنْفَاذِهِ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) ، وَكَذَا لَوْ سَمِعَ رَجُلًا يُعْتِقُ، أَوْ يُطَلِّقُ، أَوْ يُقِرُّ بِعَقْدٍ وَنَحْوِهِ، يَعْنِي: أَنَّ شَهَادَتَهُ عَلَيْهِ جَائِزَةٌ، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا سَمِعَ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ، قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ عَنْ شَهَادَةِ الْمُسْتَخْفِي تَجُوزُ عَلَى الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ وَقَالَا عَنْ الْإِقْرَارِ: الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: " اشْهَدْ عَلَيَّ ". انْتَهَيَا.