الْجَرْحِ: أَنَّ التَّعْدِيلَ إذَا قَالَ " هُوَ عَدْلٌ " يُوَافِقُ الظَّاهِرَ. فَحَكَمَ بِأَنَّهُ عَدْلٌ فِي الظَّاهِرِ. فَخَالَفَ مَا قَالَ أَوَّلًا. وَقَالَ ابْن رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ فِي أَوَّلِ " كِتَابِ النِّكَاحِ " وَتَصِحُّ الشَّهَادَةُ مِنْ مَسْتُورِي الْحَالِ. رِوَايَةً وَاحِدَةً. لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَالَةُ. وَقَالَ الطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ فِي الْأُصُولِ فِي أَوَاخِرِ التَّقْلِيدِ: وَالْعَدَالَةُ أَصْلِيَّةٌ فِي كُلِّ مُسْلِمٍ. وَتَابَعَ ذَلِكَ فِي شَرْحِهِ عَلَى ذَلِكَ. فَظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَالَةُ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ، فِي هَذَا الْمَكَانِ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْعَالِمِ الْعَدَالَةُ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ عِنْدَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ " وَإِذَا شَهِدَ عِنْدَهُ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ سَأَلَ عَنْهُ " وَمُنْشَأُ الْخِلَافِ: أَنَّ الْعَدَالَةَ هَلْ هِيَ شَرْطٌ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ؟ وَالشَّرْطُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ وُجُودِهِ. وَإِذَنْ لَا يُقْبَلُ مَسْتُورُ الْحَالِ، لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ فِيهِ، أَوْ الْفِسْقُ مَانِعٌ؟ فَيُقْبَلُ مَسْتُورُ الْحَالِ. إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْفِسْقِ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَسْطُرٍ فَإِنْ قِيلَ: بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ. قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ هَذَا. إذْ الْعَدَالَةُ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَلَوْ سُلِّمَ هَذَا فَمُعَارَضٌ بِأَنَّ الْغَالِبَ وَلَا سِيَّمَا فِي زَمَنِنَا هَذَا الْخُرُوجُ عَنْهَا. وَقَدْ يَلْزَمُ أَنَّ الْفِسْقَ مَانِعٌ. وَيُقَالُ: الْمَانِعُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ ظَنِّ عَدَمِهِ، كَالصِّبَا وَالْكُفْرِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مَنْ قَالَ " إنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِنْسَانِ الْعَدَالَةُ " فَقَدْ أَخْطَأَ. وَإِنَّمَا الْأَصْلُ فِيهِ: الْجَهْلُ وَالظُّلْمُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا} [الأحزاب: 72] .

وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي أَوَاخِرِ بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ: إذَا شُكَّ فِي الشَّاهِدِ: هَلْ هُوَ عَدْلٌ أَمْ لَا؟ لَمْ يُحْكَمْ بِشَهَادَتِهِ. إذْ الْغَالِبُ عَلَى النَّاسِ: عَدَمُ الْعَدَالَةِ. وَقَوْلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015