الثَّانِيَةُ: لَوْ وَجَدَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا وَطَعَامًا لَا يَعْرِفُ مَالِكَهُ، وَلَمْ يَجِدْ مَيْتَةً: أَكَلَ الطَّعَامَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: يُخَيَّرُ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُحَرَّرِ. قُلْت: يُتَوَجَّهُ أَنْ يَأْكُلَ الصَّيْدَ؛ لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ، بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ، كَمَا فِي نَظَائِرِهَا.
الثَّالِثَةُ: لَوْ اشْتَبَهَتْ مَسْلُوخَتَانِ: مَيْتَةٌ وَمُذَكَّاةٌ، وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمَا: تَحَرَّى الْمُضْطَرُّ فِيهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَقِيلَ: لَهُ الْأَكْلُ بِلَا تَحَرٍّ.
الرَّابِعَةُ: لَوْ وَجَدَ مَيِّتَتَيْنِ مُخْتَلَفٌ فِي إحْدَاهُمَا: أَكَلَهَا دُونَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا طَعَامًا لَمْ يَبْذُلْهُ مَالِكُهُ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ مُضْطَرًّا إلَيْهِ: فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ) بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ لَوْ خَافَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ: فَهَلْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ، أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. قُلْت: الْأَوْلَى النَّظَرُ إلَى مَا هُوَ أَصْلَحُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، أَظْهَرُهُمَا: إمْسَاكُهُ.
فَائِدَةٌ: حَيْثُ قُلْنَا: إنَّ مَالِكَهُ أَحَقُّ، فَهَلْ لَهُ إيثَارُهُ؟ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَذَكَرَ صَاحِبُ الْهُدَى فِي غَزْوَةِ الطَّائِفِ: أَنَّهُ يَجُوزُ، وَأَنَّهُ غَايَةُ الْجُودِ