وَحَكَى شَيْخُنَا فِي آخِرِ كِتَابِ الْقَضَاءِ يَعْنِي: فِي الْمُقْنِعِ إذَا تَحَاكَمَ رَجُلَانِ إلَى رَجُلٍ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ، فَحَكَّمَاهُ بَيْنَهُمَا: نَفَذَ حُكْمُهُ فِي اللِّعَانِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَحَكَاهُ أَبُو الْخَطَّابِ، قُلْت: وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ كَحَاكِمِ الْإِمَامِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، عَلَى مَا يَأْتِي هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَنْفُذُ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ خَاصَّةً، وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُمَا إذَا حَكَّمَا رَجُلًا، هَلْ يَكُونُ كَالْحَاكِمِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ أَمْ لَا؟ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ. قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ خَفِرَةً: بَعَثَ الْحَاكِمُ مَنْ يُلَاعِنُ بَيْنَهُمَا) ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي مَسْأَلَةِ فَسْخِ الْخِيَارِ بِلَا حُضُورِ الْآخَرِ: لِلزَّوْجِ أَنْ يُلَاعِنَ مَعَ غَيْبَتِهَا، وَتُلَاعِنُ هِيَ مَعَ غَيْبَتِهِ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ نِسَاءَهُ: فَعَلَيْهِ أَنْ يُفْرِدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِلِعَانٍ) ، هَذَا الْمَذْهَبُ، وَإِحْدَى الرِّوَايَاتِ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ: يُفْرِدُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِلِعَانٍ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ أَصْحَابِنَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015