لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَلَا بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ. فَقَالَ: السَّكْرَانُ الَّذِي إذَا وَضَعَ ثِيَابَهُ فِي ثِيَابِ غَيْرِهِ فَلَمْ يَعْرِفْهَا، أَوْ وَضَعَ نَعْلَهُ فِي نِعَالِهِمْ فَلَمْ يَعْرِفْهُ. وَإِذَا هَذَى فِي أَكْثَرِ كَلَامِهِ، وَكَانَ مَعْرُوفًا بِغَيْرِ ذَلِكَ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ: يَكْفِي تَخْلِيطُ كَلَامِهِ. ذَكَرَهُ أَكْثَرُهُمْ فِي بَابِ حَدِّ السُّكْرِ. وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ: هُوَ الَّذِي يَخْتَلُّ فِي كَلَامِهِ الْمَنْظُومِ، وَيُبِيحُ بِسِرِّهِ الْمَكْتُومِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَزَعَمَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: أَنَّ النِّزَاعَ فِي وُقُوعِ طَلَاقِهِ إنَّمَا هُوَ فِي النَّشْوَانِ. فَأَمَّا الَّذِي تَمَّ سُكْرُهُ، بِحَيْثُ لَا يَفْهَمُ مَا يَقُولُ: فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ، قَوْلًا وَاحِدًا. قَالَ: وَالْأَئِمَّةُ الْكِبَارُ جَعَلُوا النِّزَاعَ فِي الْجَمِيعِ.
الثَّانِيَةُ: قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: لَا تَصِحُّ عِبَادَةُ السَّكْرَانِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " وَلَا تُقْبَلُ صَلَاتُهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى يَتُوبَ " لِلْخَبَرِ. وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
الثَّالِثَةُ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي السَّكْرَانِ، عِنْدَ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ: إذَا كَانَ آثِمًا فِي سُكْرِهِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا. فَإِنَّ قَوْلَهُ " فَإِنْ زَالَ عَقْلُهُ بِسَبَبٍ لَا يُعْذَرُ فِيهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ ".