قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَغَيْرُهُ. فَمَا قُرِّرَ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى قَرَّرَهُ هُنَا. وَقِيلَ عَنْهُ: لَا مَهْرَ لَهَا. حَكَاهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَقِيلَ: إنَّهُ يَنْتَصِفُ بِالْمَوْتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ فَرَضَهُ لَهَا. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا وَجْهَ لِلتَّنْصِيفِ عِنْدِي. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فِي الْقَلْبِ حَزَازَةٌ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ: أَنَّ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ، عَلَى حَدِيثِ بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ، وَصَالِحٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ، وَالْمَيْمُونِيِّ، وَابْنِ مَنْصُورٍ، وَحَمْدَانَ بْنِ عَلِيٍّ، وَحَنْبَلٍ. قَالَ: وَنُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رِوَايَةٌ تُخَالِفُ السُّنَّةَ وَإِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ، بَلْ الْأُمَّةَ. فَإِنَّ الْقَائِلَ قَائِلَانِ: قَائِلٌ بِوُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَقَائِلٌ بِسُقُوطِهِ. فَعَلِمْنَا أَنَّ نَاقِلَ ذَلِكَ غَالَطَ عَلَيْهِ. وَالْغَلَطُ إمَّا فِي النَّقْلِ، أَوْ مِمَّنْ دُونَهُ فِي السَّمْعِ أَوْ فِي الْحِفْظِ، أَوْ فِي الْكِتَابِ. إذْ مِنْ أَصْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ الَّذِي لَا خِلَافَ عَنْهُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ عَنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ. وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ لَهُ مِنْ جِنْسِهِ. وَكَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - شَدِيدَ الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ يُخَالِفُ ذَلِكَ. فَكَيْفَ يَفْعَلُهُ هُوَ مَعَ إمَامَتِهِ مِنْ غَيْرِ مُوَافَقَةٍ لِأَحَدٍ؟ وَمَعَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَا حَظَّ لَهُ فِي الْآيَةِ وَلَا لَهُ نَظِيرٌ. هَذَا مِمَّا يُعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُ بَاطِلٌ. انْتَهَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015