وَأَمَّا فَسْخُهَا لِعَيْبِهِ، وَفَسْخُهُ لِعَيْبِهَا: فَإِنَّ ذَلِكَ يُسْقِطُ مَهْرَهَا بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ، إلَّا تَوْجِيهٌ لِصَاحِبِ الْفُرُوعِ. يَأْتِي فِي الْفَائِدَةِ الْآتِيَةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا جَعَلْتُمْ فَسْخَهَا لِعَيْبِهِ كَأَنَّهُ مِنْهُ، لِحُصُولِهِ بِتَدْلِيسِهِ؟ قُلْنَا: الْعِوَضُ مِنْ الزَّوْجِ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِهَا. فَإِذَا اخْتَارَتْ فَسْخَ الْعَقْدِ، مَعَ سَلَامَةِ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ وَهُوَ نَفْعُ بُضْعِهَا رَجَعَ الْعِوَضُ إلَى الْعَاقِدِ مَعَهَا، وَلَيْسَ مِنْ جِهَتِهَا عِوَضٌ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِ الزَّوْجِ. وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهَا لِأَجْلِ ضَرَرٍ يَلْحَقُهَا لَا لِتَعَذُّرِ مَا اسْتَحَقَّتْ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَتِهِ عِوَضًا. فَافْتَرَقَا. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ: هَذَا الْفَرْقُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الزَّوْجَ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ. وَفِيهِ خِلَافٌ. وَالْأَظْهَرُ فِي الْفَرْقِ أَنْ يُقَالَ: الْفُسُوخُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي يَمْلِكُهَا كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ إنَّمَا شُرِعَتْ لِإِزَالَةِ ضَرَرٍ حَاصِلٍ. فَإِذَا وَقَعَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَقَدْ رَجَعَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ إلَى مَا بَذَلَهُ سَلِيمًا كَمَا خَرَجَ مِنْهُ. فَلَا حَقَّ لَهُ فِي غَيْرِهِ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ كَالْخُلْعِ وَنَحْوِهِمَا لَا كالانفساخات الْقَهْرِيَّةِ بِأَسْبَابِهَا كَالرَّضَاعِ، وَاللِّعَانِ، وَالرِّدَّةِ، وَالْإِسْلَامِ، وَالرِّقِّ، وَالْحُرِّيَّةِ، وَنَحْوِهَا بِشُرُوطِهَا، وَكَثُبُوتِ الْقَرَابَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ مُوجِبَاتِ الْفُرْقَةِ بِغَيْرِ ضَرَرٍ ظَاهِرٍ. فَإِنَّهُ يَحْصُلُ لِلْمَرْأَةِ بِهِ انْكِسَارٌ وَضَرَرٌ. فَجَبَرَهُ الشَّارِعُ بِإِعْطَائِهَا نِصْفَ الْمَهْرِ، وَبِالْمُتْعَةِ عِنْدَ فَقْدِ التَّسْمِيَةِ. انْتَهَى.

فَائِدَةٌ:

لَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ شَرْطٌ صَحِيحٌ حَالَةَ الْعَقْدِ، فَلَمْ يَفِ بِهِ. وَفَسَخَتْ: سَقَطَ بِهِ مَهْرُهَا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَالْفُرُوعِ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ: وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرِينَ وَعَنْهُ: يَتَنَصَّفُ بِفَسْخِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَتَتَوَجَّهُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ فِي فَسْخِهَا لِعَيْبِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015