بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ لَوْ كَاتَبَ الْمُدَبَّرَ، فَهَلْ يَكُونُ رُجُوعًا عَنْ التَّدْبِيرِ؟ إنْ قُلْنَا التَّدْبِيرُ عِتْقٌ بِصِفَةٍ: لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا. وَإِنْ قُلْنَا هُوَ وَصِيَّةٌ: انْبَنَى عَلَى أَنَّ كِتَابَةَ الْمُوصَى بِهِ، هَلْ تَكُونُ رُجُوعًا؟ فِيهِ وَجْهَانِ. أَشْهَرُهُمَا: أَنَّهُ رُجُوعٌ. وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ: أَنَّ كِتَابَةَ الْمُدَبَّرِ لَيْسَتْ رُجُوعًا عَنْ تَدْبِيرِهِ. وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رُجُوعٌ. بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ. فَتَبْطُلُ بِالْكِتَابَةِ.

قَوْلُهُ (فَلَوْ أَدَّى عَتَقَ. وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ عَتَقَ، إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ) . وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ قَدْرُ الثُّلُثِ. وَسَقَطَ مِنْ الْكِتَابَةِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ، وَهُوَ عَلَى الْكِتَابَةِ فِيمَا بَقِيَ. مُقْتَضَى قَوْلِهِ " إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ " أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي خُرُوجِهِ مِنْ الثُّلُثِ: هُوَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ. وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَكَلَامُهُ فِي الْكَافِي، وَالشَّرْحِ. وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ: اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا. وَجَزَمُوا بِهِ. وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ.

فَائِدَةٌ: لَوْ عَتَقَ بِالْكِتَابَةِ، كَانَ مَا فِي يَدِهِ لَهُ. وَلَوْ عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ، مَعَ الْعَجْزِ عَنْ أَدَاءِ مَالِ الْكِتَابَةِ: كَانَ مَا فِي يَدِهِ لِلْوَرَثَةِ. وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْعَجْزِ عَنْ جَمِيعِ الْكِتَابَةِ: عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ. وَمَا فِي يَدِهِ لَهُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ، وَابْنِ حَمْدَانَ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: لِلْوَرَثَةِ. وَحَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْأَصْحَابِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ إذَا أَوْلَدَ الْمُكَاتَبَةَ فِي " بَابِ الْكِتَابَةِ "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015