وَمِنْ هُنَا قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ: تَبَعِيَّةُ الْوَلَدِ مَبْنِيٌّ عَلَى لُزُومِ التَّدْبِيرِ. وَخَرَّجَ أَبُو الْخَطَّابِ وَجْهًا: أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهَا الْحَادِثُ بَيْنَهُمَا. وَإِنَّمَا يَتْبَعُهَا إذَا كَانَ مَوْجُودًا مَعَهَا فِي أَحَدِهِمَا مِنْ حُكْمِ وَلَدِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ. بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ. وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا: أَنْ يُخَرِّجَ طَرِيقَةً أُخْرَى: أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهَا الْوَلَدُ الْحَادِثُ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ خِلَافٍ. وَأَمَّا مَا كَانَ مَوْجُودًا فِي أَحَدِ الْحَالَيْنِ: فَهَلْ يَتْبَعُهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ. وَحُكْمُ وَلَدِ الْمُوصَى بِهَا كَذَلِكَ، عِنْدَ الْأَصْحَابِ. انْتَهَى كَلَامُهُ فِي الْفَوَائِدِ. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّمَانِينَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَتْبَعُهَا قَالَ الْأَكْثَرُونَ: وَيَكُونُ مُدَبَّرًا بِنَفْسِهِ، لَا بِطَرِيقِ التَّبَعِ. بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ. وَقَدْ نَصَّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: عَلَى أَنَّ الْأُمَّ لَوْ عَتَقَتْ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ: لَمْ يُعْتَقْ الْوَلَدُ حَتَّى تَمُوتَ. وَعَلَى هَذَا: لَوْ رَجَعَ فِي تَدْبِيرِ الْأُمِّ وَقُلْنَا: لَهُ ذَلِكَ بَقِيَ الْوَلَدُ مُدَبَّرًا هَذَا قَوْلُ الْقَاضِي، وَابْنِ عَقِيلٍ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ: هَلْ هُوَ تَابِعٌ مَحْضٌ لَهَا، إنْ عَتَقَتْ عَتَقَ، وَإِنْ رُقَّتْ رُقَّ؟ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: هَلْ يَبْطُلُ عِتْقُ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ بِمَوْتِهِمَا قَبْلَ السَّيِّدِ، أَمْ لَا؟ لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُمَا. اخْتَلَفَ كَلَامُهُ. وَيَظْهَرُ الْحُكْمُ فِي وَلَدِهِمَا.

قَوْلُهُ (وَلَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا قَبْلَ التَّدْبِيرِ) هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: يَتْبَعُهَا. حَكَاهَا أَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ مِنْ رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَتَأَوَّلَهَا الْمُصَنِّفُ، وَقَالَ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ بَعِيدَةٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015