وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَغَيْرِهِمَا: لَا يُعْتَبَرُ فِي الْهَدِيَّةِ قَبُولٌ لِلْعُرْفِ. بِخِلَافِ الْهِبَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَلَا رُجُوعَ فِيهِمَا لِأَحَدٍ، سِوَى أَبٍ.
فَوَائِدُ: إحْدَاهَا: وِعَاءُ الْهَدِيَّةِ كَالْهَدِيَّةِ مَعَ الْعُرْفِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ رَدَّهُ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: لَا يَدْخُلُ الْوِعَاءُ إلَّا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ، كَقَوْصَرَّةِ التَّمْرِ وَنَحْوِهَا. الثَّانِيَةُ: قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: إنْ قَصَدَ بِفِعْلِهِ ثَوَابَ الْآخِرَةِ فَقَطْ فَهُوَ صَدَقَةٌ. وَقِيلَ: مَعَ حَاجَةِ الْمُتَّهَبِ. وَإِنْ قَصَدَ بِفِعْلِهِ إكْرَامًا وَتَوَدُّدًا وَتَحَبُّبًا وَمُكَافَأَةً فَهُوَ هَدِيَّةٌ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَمِنْ هُنَا اُخْتُصَّتْ بِالْمَنْقُولَاتِ، لِأَنَّهَا تُحْمَلُ إلَيْهِ. فَلَا يُقَالُ: أَهْدَى أَرْضًا، وَلَا دَارًا. انْتَهَى. وَغَيْرُهُمَا: هِبَةٌ، وَعَطِيَّةٌ، وَنِحْلَةٌ. وَقِيلَ: الْكُلُّ عَطِيَّةٌ، وَالْكُلُّ مَنْدُوبٌ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: الْهِبَةُ، وَالصَّدَقَةُ، وَالنِّحْلَةُ، وَالْهَدِيَّةُ، وَالْعَطِيَّةُ: مَعَانِيهَا مُتَقَارِبَةٌ. وَاسْمُ " الْعَطِيَّةِ " شَامِلٌ لِجَمِيعِهَا. وَكَذَلِكَ " الْهِبَةُ ". وَ " الصَّدَقَةُ " وَ " الْهَدِيَّةُ " مُتَغَايِرَانِ. فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْكُلُ مِنْ الْهَدِيَّةِ دُونَ الصَّدَقَةِ. فَالظَّاهِرُ: أَنَّ مَنْ أَعْطَى شَيْئًا يَتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لِلْمُحْتَاجِ: فَهُوَ صَدَقَةٌ. وَمَنْ دَفَعَ إلَى إنْسَانٍ شَيْئًا لِلتَّقَرُّبِ إلَيْهِ وَالْمَحَبَّةِ لَهُ: فَهُوَ هَدِيَّةٌ. وَجَمِيعُ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، مَحْثُوثٌ عَلَيْهِ. انْتَهَى.
الثَّالِثَةُ: لَوْ أُعْطِيَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ، وَلَا اسْتِشْرَافٍ، وَكَانَ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ. فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ.