قَوْلُهُ (وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، كَأَحَدِ هَذَيْنِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ كَالْعِتْقِ. وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَنْ وَقَفَ دَارًا وَلَمْ يَحُدَّهَا قَالَ: يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَحُدَّهَا. إذَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً. اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. فَعَلَى الصِّحَّةِ: يَخْرُجُ الْمُبْهَمُ بِالْقُرْعَةِ. قَالَهُ الْحَارِثِيُّ، وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ وَغَيْرُهُمَا.
قَوْلُهُ (وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْكَلْبِ) أَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُهَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ، وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: يَصِحُّ. قَالَهُ فِي الْفَائِقِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. قُلْت: فَلَعَلَّ مُرَادَ الْقَائِلِ بِذَلِكَ: إذَا قِيلَ بِجَوَازِ بَيْعِهَا. أَوْ أَنَّهُ يَصِحُّ مَا دَامَ سَيِّدُهَا حَيًّا. وَعَلَى قَوْلٍ يَأْتِي. ثُمَّ وَجَدْت صَاحِبَ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَالَ: وَفِي أُمِّ الْوَلَدِ وَجْهَانِ. قُلْت: إنْ صَحَّ بَيْعَهَا صَحَّ وَقْفُهَا. وَإِلَّا فَلَا. انْتَهَى. لَكِنْ يَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يَصِحَّ وَقْفُهَا قَوْلًا وَاحِدًا. وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَصِحُّ وَقْفُ مَنَافِعِ أُمِّ الْوَلَدِ فِي حَيَاتِهِ. فَائِدَتَانِ.
إحْدَاهَا: قَالَ الْحَارِثِيُّ: الْمُكَاتَبُ إنْ قِيلَ بِمَنْعِ بَيْعِهِ فَكَأُمِّ الْوَلَدِ. وَإِنْ قِيلَ بِالْجَوَازِ كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ فَمُقْتَضَى ذَلِكَ: صِحَّةُ وَقْفِهِ. وَلَكِنْ إذَا أَدَّى: هَلْ يَبْطُلُ الْوَقْفُ؟ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ. انْتَهَى.
الثَّانِيَةُ: حُكْمُ وَقْفِ الْمُدَبَّرِ حُكْمُ بَيْعِهِ. عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِهِ. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ.