قَالَ الْحَارِثِيُّ، فِي الْغَصْبِ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَإِنْ بَقِيَتْ فِي يَدِهِ غُصُوبٌ " وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَتَصَدَّقُ. انْتَهَى. لَكِنْ قَالَ الْخَلَّالُ: هَذَا قَوْلٌ قَدِيمٌ رَجَعَ عَنْهُ، وَكُلُّ مَنْ رَوَى عَنْهُ رَوَى عَنْهُ: أَنَّهُ يُعَرِّفُهَا سَنَةً، وَيَتَصَدَّقُ بِهَا. وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ رِوَايَةً: أَنَّهُ إنْ كَانَ يَسِيرًا بَاعَهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ. وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا: رَفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ. وَقَالَ: نَقَلَهُ مُهَنَّا. وَرَدَّهُ الْمَجْدُ. ذَكَرَهُ فِي الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالتِّسْعِينَ. وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَنَظَائِرُهَا فِي أَوَاخِرِ الْغَصْبِ، عِنْدَ قَوْلِهِ " وَإِنْ بَقِيَتْ فِي يَدِهِ غُصُوبٌ لَا يَعْرِفُ أَرْبَابَهَا ".
تَنْبِيهٌ: تَلَخَّصَ لَنَا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ اللُّقَطَةَ تَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا كَالْمِيرَاثِ، حَيْثُ قُلْنَا " تُمْلَكُ " وَأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ: التَّسْوِيَةُ بَيْنَ لُقَطَةِ الْحَرَمِ وَغَيْرِهَا. وَأَنَّ أَكْثَرَ الْأَصْحَابِ قَالُوا: لَا يَمْلِكُ غَيْرَ الْأَثْمَانِ. وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. لَكِنْ عَلَى الْمُصْطَلَحِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْخُطْبَةِ: يَكُونُ الْمَذْهَبُ الْمِلْكَ فِي الْكُلِّ قَهْرًا.
فَائِدَةٌ: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: يُتَوَجَّهُ الرِّوَايَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ اللَّتَانِ فِي الصَّدَقَةِ فِي غَيْرِ الْأَثْمَانِ: أَنْ يَأْتِيَا فِيمَا يَأْخُذُهُ السُّلْطَانُ مِنْ اللُّصُوصِ إذَا لَمْ يَعْرِفْ رَبَّهُ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لَوْ الْتَقَطَ اثْنَانِ، وَعَرَّفَا: مَلَكَاهَا. وَعَلَى الْقَوْلِ بِالِاخْتِيَارِ: لَوْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ: مَلَكَ النِّصْفَ، وَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِهِ.