يَعْنِي: اللَّتَيْنِ فِيمَنْ أَدَّى حَقًّا وَاجِبًا عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَنَوَى الرُّجُوعَ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: الرُّجُوعُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الضَّمَانِ. فَكَذَا هُنَا. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَمِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ هُنَا عَدَمَ الرُّجُوعِ. لِأَنَّ حِفْظَهَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَيِّنًا، بَلْ كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَيْعِهَا وَحِفْظِ ثَمَنِهَا. وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا أَنْفَقَ غَيْرَ مُتَطَوِّعٍ بِالنَّفَقَةِ، فَلَهُ الرُّجُوعُ بِهَا. وَإِنْ كَانَ مُحْتَسِبًا، فَفِي الرُّجُوعِ رِوَايَتَانِ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: إنْ كَانَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ، فَلَهُ الرُّجُوعُ. وَإِنْ أَنْفَقَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلَمْ يَشْهَدْ بِالرُّجُوعِ: فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ. وَإِنْ أَنْفَقَ مُحْتَسِبًا بِهَا، وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ. فَهَلْ يَمْلِكُ الرُّجُوعَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. قَوْلُهُ (الثَّانِي: مَا يُخْشَى فَسَادُهُ، فَيُخَيَّرُ بَيْنَ بَيْعِهِ وَأَكْلِهِ) . يَعْنِي: إذَا اسْتَوَيَا. وَإِلَّا فَعَلَ الْأَحَظَّ. كَمَا تَقَدَّمَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَهُ أَكْلُ الْحَيَوَانِ وَمَا يَخْشَى فَسَادَهُ بِقِيمَتِهِ. قَالَهُ أَصْحَابُنَا. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي: يَقْتَضِي قَوْلُ أَصْحَابِنَا " إنَّ الْعُرُوضَ لَا تُمْلَكُ " أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ، وَلَكِنْ يُخَيَّرُ بَيْنَ الصَّدَقَةِ وَبَيْنَ بَيْعِهِ. وَذَكَرَ نَصًّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. انْتَهَى. قَالَ الْحَارِثِيُّ: مَا لَا يَبْقَى. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ، وَالْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَ بَيْعِهِ وَأَكْلِهِ. كَذَا أَوْرَدُوا مُطْلَقًا. وَقَيَّدَ أَبُو الْخَطَّابِ بِمَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ. فَإِنَّهُ قَالَ: عَرَّفَهُ بِقَدْرِ مَا يَخَافُ فَسَادَهُ، ثُمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ. قَالَ: وَقَوْلُهُ " بِقَدْرِ مَا يَخَافُ فَسَادَهُ " وَهْمٌ. وَإِنَّمَا هُوَ بِقَدْرِ مَا لَا يَخَافُ. قُلْت: وَتَابَعَ أَبَا الْخَطَّابِ عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَجَمَاعَةٍ. وَمَشَى عَلَى الصَّوَابِ فِي الْخُلَاصَةِ. فَقَالَ: عَرَّفَهُ مَا لَمْ يُخْشَ فَسَادُهُ.